محمد عبد الرحمن
شيوخ الحسبة عائدون إلى الساحة... فارضين وصايتهم الأخلاقية على الفنّ! في عزّ انهماك السينما المصرية بأفلام تجاوزت الخطوط الحمر، استولى هؤلاء على مقص الرقيب بحجّة «وأد الفتنة الطائفية». أما أوّل الضحايا فهما يوسف شاهين وخالد يوسف
بعدما استبشر كثيرون خيراً بعودة الأفلام الجادة إلى الصالات المصرية، ودخولها بجرأة عالم المحظور، بدأت جهات عدة ـــــ غير أجهزة الرقابة التقليدية ـــــ بشنّ هجوم شرس على تلك الأعمال... والحقيقة باتت ساطعة لا تحتمل التأويل: إن تجاوز بعض الفنانين الخطوط الحمر بموافقة الرقابة، لا يعني أن التعبير عن أفكار تهمّ الشارع المصري، بات سهلاً. هناك رقابات أخرى، أبرزها دينية تعزف على وتر الطائفية والدين، تقف بالمرصاد وترفض أن تلعب السينما أي دور سياسي.
اليوم، يتّهم بعضهم الرقابة المصرية بالتساهل مع يوسف شاهين وتلميذه خالد يوسف، في ما يخص المشاهد والأفكار المتمردّة التي يصدّرها فيلما «هي فوضى» و«حين ميسرة». أما الحجة فهي أنّ المقص لا يمارس التسامح نفسه على الأعمال المسرحية أو مهرجان الأفلام المستقلّة. لكن الأصوات المحتجة لم تتوقف عند مطالبة بعض الأقلام الحكومية بتسامح الرقيب مع الجميع، بل انتقد الصحافيون «الصوت العالي» في الفيلمين، وقارنوهما بأفلام شاهين القديمة التي كانت تعبّر عن هموم الوطن بطريقة فنية لا تعتمد النقد المباشر، لعلّ أبرزها «الأرض» و«العصفور»... لكن الحملات الصحافية الحكومية لم تكن الوحيدة التي هاجمت الأفلام التي تخطت بنسب متفاوتة الخطوط الحمر. إذ دخل على الخط «محامو الشهرة»، كما تسمّيهم الصحافة المصرية. وهؤلاء تخصصوا في رفع قضايا مثيرة للجدل على فنانين ومبدعين، ليحاسبوهم على أي تصريح أو سلوك، يرونه مخالفاً للقانون. وإذا كان زعيم هذه الفئة من المحامين هو نبيه الوحش، فإنّ محمد طه البهي قاد الهجوم الأخير. إذ تقدم بطلب إلى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، يطالب فيه بوقف عرض فيلم «هي فوضى». والسبب؟ «إهانة الرموز المسيحية بما يهدّد التسامح الديني بين المصريين. إضافة إلى المشاهد الخليعة التي ضمّها العمل، ولم يكن يجوز للرقابة أن تسمح بعرضها».
وإذا كانت هذه المشاهد «الخليعة» أمراً نسبياً تحدّده الرقابة وللقضاء الحق في مراجعتها، فإنّ مطالبة محام مسلم بمنع فيلم لإهانة رموز مسيحية، كشفت عن حجم التربص بالسينما التي «كفرت» بالكوميديا والأفكار المسطحة. ذلك أنّ مخرج الفيلم مسيحي، والمشهد صوّر في كنيسة بموافقة رجال دين وحضورهم. أضف إلى ذلك أنّ محامي الكنيسة الذين ثاروا على فيلم «بحب السيما»، ما كانوا لينتظروا محمد البهي حتى يتحرّك عوضاً عنهم، إذا لمسوا أي إساءة في اللقطات المذكورة. وفي هذا المشهد، يعبّر شاهين عن مدى تخطّي أمين الشرطة حاتم عبد الباسط (خالد صالح) لحدود السلطة التي يتمتع بها، ويظهر كيف فقد هذا الأخير رشده بعدما صدّته الفتاة التي أُغرم بها. وبعدما قصد أحد الشيوخ المسلمين طالباً منه أن يصنع له حجاباً يدفع بتلك الصبية إلى حبّه، رفض الشيخ طلبه ونصحه بالتصوّف، لكنّه ذهب إلى الكنيسة طالباً من القسيس ذلك. وهو مشهد واقعي يتكرر عند بعض المسلمين الذين يذهبون فعلاً إلى الكنيسة، إيماناً بقدسية جميع رجال الدين. إلا أنّ القسيس صدّ أمين الشرطة، فما كان من حاتم عبد الباسط إلا أن هدّد «أبونا» بمنع الاحتفالات عن الكنيسة في العيد المقبل. وهي مبالغة تدلّ على مدى عجرفة الشخصية، لكنّه تهديد لم ولن ينفذ بالطبع.
وفيما تذكّر المحامي هذا المشهد بعد شهر ونصف من عرض الفيلم، لم تصدر المحكمة أي حكم بعد. وهذه القضايا غالباً ما تأخذ رواجاً إعلامياً من دون أن تحدث أي تحرّك على المستوى القضائي، خصوصاً أن الشريط الذي تجاوزت إيراداته 12 مليون جنيه (أكثر من مليوني دولار)، سيُرفع قريباً من دور العرض المصرية. وبالتالي، لن يتأثر بحكم المحكمة حتى لو جاء سلبياً.
لكن الهجوم الأكثر شراسة كان من نصيب فيلم «حين ميسرة» لخالد يوسف. إذ غضّ «شيوخ الحسبة» الطرف عن القضايا المهمة التي يطرحها الشريط، وتفرّغوا لمهاجمة مشهد العلاقة الحميمة التي جمعت بين غادة عبد الرازق وسمية الخشاب. وتطوّر الهجوم من الكتابة في الصحف إلى الظهور في البرامج التلفزيونية. ثم المطالبة الرسمية بمحاكمة صنّاع الفيلم بتهمة «الإفساد في الأرض»! هكذا تقدّم المهاجمين الشيخ عبد الصبور شاهين، صاحب أشهر قضية حسبة في السنوات العشرين الأخيرة، بعدما نجح في استصدار حكم للتفريق بين الدكتور نصر أبو زيد وزوجته. على اعتبار أن أبو زيد خرج عن الإسلام في الأبحاث التي قدمها إلى جامعة القاهرة، وتناولت قراءة شخصية لبعض الآيات القرآنية.
وفيما يقيم أبو زيد حالياً في المنفى مع زوجته، جاء الدور على خالد يوسف الذي اتهمه شاهين بأنه يدعو إلى نشر العلاقات المثلية والتخريب الأخلاقي. وانضم إلى شاهين عددٌ من الشيوخ الذين تحمسوا للفكرة، حتى قبل مشاهدة الشريط. وهو ما برز أيضاً في مداخلة لعلي عطوة على قناة «مودرن تي في»، إذ هاجم عضو مجلس الشعب خالد يوسف، مؤكداً رفضه الفيلم أو حتى مشاهدته.
أما المفارقة فهي أنّ عمرو أديب ركب الموجة في برنامج «القاهرة اليوم»، واتّهم الرقابة بالتساهل مع الفيلم، مطالباً بعرضه «للكبار فقط»، وهو ما جعل شريط خالد يوسف يثير جدلاً أكثر من «هي فوضى». وهنا، بدأ هجوم «الجهة الثالثة»، إذ أسالت الصحف الحكومية الكثير من الحبر للحديث عن الفيلمين، ودحض الصورة السوداوية التي قدمها شاهين وتلميذه، بعدما شهدت صالات العرض موجات من التصفيق في المشاهد التي أبرزت تغلّب الشعب على الشرطة. وفيما المعركة مستمرة، يبقى السؤال عن الضغوط التي يُمكن أن تمارس على يوسف شاهين الذي يعدّ حالياً لفيلمه الجديد «الشارع لمين»: فهل ينجح، أم تلقّن الرقابة درساً جديداً لكل من يجرؤ ويسأل: «الشارع لمين؟»

الماجري يغنّي أسمهان

بعدما أعلن باسل الخطيب عن المشاركة في مسلسل «ناصر»، انتقلت مهمة إخراج «أسمهان» إلى التونسي شوقي الماجري الذي بدأ جلسات عمل مكثفة مع الكاتب قمر الدين علوش، والمنتجين «فرح ميديا» والسوري فراس ابراهيم. وبينما تبقى سلاف فواخرجي مرشحة لدور البطولة، يجري البحث حالياً عن باقي شخصيات المسلسل.