باسم الحكيم
قبل 12 عاماً، قرر التمثيل من دون مقابل احتجاجاً
على وضع الممثل اللبناني، ثم ابتعد عن الشاشة... اليوم، يعود في عمل كوميدي مع جوليا قصار، باحثاً من دون جدوى، عن السعادة. كيف تراجع عن قراره القديم؟ وماذا يخبرنا عن «أوتيل الأفراح»؟


غاب فايق حميصي عن التلفزيون ما يقارب 12 عاماً، منذ مسلسل «ربيع الحب» للكاتب شكري أنيس فاخوري والمخرج ميلاد الهاشم. خلال هذه الفترة، لبّى طلب الكاتب مروان نجّار للحلول كضيف شرف على بعض حلقات «من أحلى بيوت راس بيروت»، وفي إحدى حكايات «قصتي قصّة» مع المخرج إيلي أضباشي. كما تنقّل طيلة هذه السنوات، بين العمل في المسرح الإيمائي والتدريس الجامعي وإعداد البرامج التلفزيونيّة، آخرها «الفرصة» مع طوني خليفة في رمضان الماضي.
حين تهنّئه بعودته إلى الدراما مع الكوميديا اللبنانيّة «أوتيل الأفراح» (راجع «الأخبار»، عدد 25 ك1/ ديسمبر 2007)، يبرّر بأن غيابه طيلة السنوات الماضية، لم يكن بسبب عدم تلقيه عروضاً تمثيليّة، بل بسبب قرار جريء اتّخذه فور انتهائه من تصوير «ربيع الحب» عام 1994. ويشرح: «يومها، قررتُ التمثيل من دون مقابل، كنوع من الاحتجاح على أجور الممثلين المتدنية». هو يستغرب كيف تتعامل الجهات المنتجة مع الممثل كشريك في الإنتاج، فتطالبه بالتصوير بثيابه الخاصة من أجل التوفير. ويضيف: «كان موقفي شكلاً من أشكال الاعتراض على التعاطي الخاطئ معنا، إذ لا بأس بخرق القانون المتّبع في نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون... في السابق، كان الممثل يتقاضى أجر حلقة في اليوم، ونصف أجر إذا ما استلزم إحضاره في يوم ثان وثالث. أما اليوم، فباتت شركات الإنتاج تشترط تصوير الحلقة في أربعة أيام وأكثر، وبأجر يوازي نصف ما كنّا نتقاضاه في تلفزيون لبنان». هكذا احتجّ حميصي على «هذه الشروط المجحفة»، وأعلن أنه سيرفع أجره بنسبة عشرة أضعاف، أو العمل من دون مقابل فقط في أوقات الفراغ...
ينتقد نظرة المجتمع إلى التمثيل كمجرد هواية، «يمتهنها الشباب لفترة، ثم ينصرفون عنها عند تحملهم مسؤوليّة إعالة أسرتهم». ويرى الحل في «نقابة محترفة تفرض سعراً محدداً، وخصوصاً أن الممثل هو صاحب اختصاص مثله مثل الطبيب والمهندس والمحامي... فلماذا يطلب منه وحده أن يضحّي بجزء من أجره، في وقت لا يسري فيه ذلك على المعدات والأمور الفنية أو إيجار الاستديو؟». وبينما يؤكد أن بعضهم اتهمه بالجنون عندما رفع أجره، يستغرب التناقض في معاملة الممثل بين لبنان والدول العربيّة، حيث يحصل زملاؤه على أجر جيد، ليس إذا مثّلوا فقط، بل حتى إذا استُضيفوا في البرامج الحواريّة.
في «أوتيل الأفراح»
ننتقل للحديث عن المسلسل الجديد، فيؤكد أن الشركة المنتجة «رؤى»، «وعدتني بأن يكون التعامل مختلفاً، مادياً ومعنوياً. واكتشفتُ احترامها للممثل ووقته، لأنني لا أهتم فقط بالشقّ المالي بل أيضاً باحترام معنوي».
وبعدما أنهى تصوير دوره في المسلسل قبل أسابيع قليلة، ودخلت المخرجة ليليان البستاني غرف المونتاج والميكساج، يشرح أنه يجسد في «أوتيل الأفراح»، دور أبو رشيد. هو «رجلٌ أنهى رسالته في الحياة، وربّى أولاده. ثم قرّر مع زوجته أم رشيد (جوليا قصّار)، إعادة افتتاح الفندق الذي يملكانه. ولأنه رجل ستيني فهو يبدو مرتاحاً من الهموم والمشاكل». ويميّز بين ثلاث شخصيّات مختلفة لأبي رشيد: «الأولى شخصيته مع زوجته يدلّعها ويمازحها ويثير غيرتها، والثانية المسؤول الذي يهتم براحة زبائن الفندق، والثالثة المدير الذي يواكب حركة موظفيه... وبين الشخصيّات الثلاث، عليك أن تجد نقاطاً مشتركة كي لا تبدو الشخصيات بعيدة بعضها عن بعض». يصف حميصي علاقته بكاتبة النص فيفيان بلعط بالأبوية، مثنياً «على النص الذي يحمل سذاجة طفوليّة وبعض الجنون الجميل، وعلى شخصياته الطريفة التي وضعتها الكاتبة في إطار واقعي. فليس بالأمر العادي أن ترى رجلاً ستينياً، يرقص ويغني ويقيم الحفلات». كما يعرب عن سعادته بـ«لقاء جوليا قصّار مرّة أخرى بعد لقائهما سابقاً في مسلسل «لا أمس بعد اليوم» حيث تزوجّنا أيضاً، وفي «أحلام» الذي مثلناه معاً، لكن دون مشاهد جمعتنا».
وعندما تسأله عن الإيماء، يقول: «طلابي ينتشرون في كل مكان. أشرفت على بعض العروض في عام 2006، آخرها «سكويك» (الحركشة بلغة الرسوم المتحركة) مع خلود ناصر. وبعد تقديم تسع حفلات في لبنان، ما زال العمل يعرض في سوريا والأردن والمغرب ومصر وتونس». ما من أعمال جديدة يعد بها، في انتظار تحقيق حلمه الأكبر، عبر جمع الإيماء والغناء والتمثيل في عمل استعراضي ضخم.
قبل 35 عاماً
في نهاية اللقاء، يعود بالزمن خمسة وثلاثين عاماً وتحديداً إلى بداياته في عالم الفن. يقول: «أول مرّة ذُكر فيها اسمي في الصحف على مستوى الإيماء، كان عام 1972. لكن عشقي لهذا الفن، بدأ قبل الدراسة الجامعيّة بكثير. وكنت أسميه يومذاك النكتة الخرساء أو المشهد الصامت». يتذكر بداياته الفنية في طرابلس مع فرقة أسعد للفنون الشعبيّة. وفي الجامعة، «تعرّفتُ إلى موريس معلوف الذي علّمني القواعد الأساسية ومبادئ الإيماء، قبل أن أسافر إلى فرنسا لإكمال تخصصي». ويشرح أن «أول عمل مسرحي شاركت فيه كان مع شكيب خوري بعنوان «جمهوريّة الحيوانات» عام 1970، تلاه «الفخ أو القداس الأسود» ثم عملت مع ريمون جبارة، إضافة إلى المشاركة في «صيف 840» مع الرحابنة عام 1987، وقبلها «الربيع السابع» مع ملحم بركات رونزا». كما يتذكّر دخوله إلى التلفزيون للمرّة الأولى، «بعدما تابع صلاح تيزاني (أبو سليم) إحدى مسرحياتنا في الشمال، عرض عليّ أن أمثل معه في بداية الستينيات، وتقاضيتُ 7 ليرات. وفي طريق العودة، حذّرني عبد الله حمصي (أسعد) من العودة إلى التلفزيون، كي لا يؤثّر الفن على دراستي». ويروي كيف عرض عليه أول عمل في التلفزيون في شبابه. يقول: «اتصّل بي ريمون جبارة، وأنبأني بأن تلفزيون لبنان سيتصل بي، بعدما احتكر الأعمال يومذاك ممثلو التلفزيون، وطلب مني الموافقة على كل شروطهم. وهذا ما حصل فعلاً، اتصلوا بي وعرضوا عليّ بطولة «عريس العيلة»، علماً أنني في التلفزيون تشاركت مع كميل سلامة وهيام أبو شديد ونبيل أبو مراد في تنفيذ برنامج «كواليس» عام 1983، وهو برنامج يجمع الثقافة بالدراما».



توضيح

تعقيباً على الحوار الذي أجرته «الأخبار» مع حسين أحمد، مدير الأخبار في محطة «برس تي في»، (راجع عدد 25 ك2/يناير 2008)، وردنا من «العلاقات الإعلامية في حزب الله»، أن الإعلامي اللبناني المذكور، «لم يكن في أي يوم من الأيام ناطقاً إعلامياً باسم حزب الله».