ياسين عدنان
خصّصت مجلة «الثقافة الأجنبية» (دار الشؤون الثقافية العامة ــــ بغداد) العدد الرابع لعامها الـ 28 لمحور «ثقافة العنف». وقد تضمّن أكثر من 12 دراسة استهلتها واحدة بعنوان «بانوراما العنف في إلياذة هوميروس» لبيار باشيه. ركّزت الدراسة على الغضب الذي احتلّ مكانة رئيسية منذ بداية الملحمة، مشيرةً إلى أنّ الغضب في القصيدة الملحمية ليس ذاته الذي ينتاب شخصاً وحيداً، مستشهدةً بقراءة لسينيك بأنّ داخل كل إنسان قلب ملك. لذا مهما بدا بسيطاً، قد يفاجئك بغضبة ملكية كلّما تعرّض للظلم أو الذل. كما رصد إيفان أف كولمان في «التهديد الإرهابي أون لاين» المواقع الإرهابية على الإنترنت لأنّها تقدّم معلومات وفهماً لإيديولوجية الإرهاب.
أما المخرج المسرحي والباحث فاضل سوداني فكتب دراستين، الأولى «العنف وهستيريا الروح المعاصرة في النص الشكسبيري: ريتشارد الثالث أنموذجاً»، يؤكد فيها أنّ شكسبير كان يدفع دائماً بطله إلى الإيمان المطلق بخراب الوجود المحيط، إلى درجة الرعب الذي يؤدي به إلى رفض كل شيء من أجل أن يخلق التراجيديا الشاملة في روح البطل. لذا فإن ريتشارد الثالث يصرخ في المسرحية بوضوح «وما الممالك إلّا رماد كلها». والثانية «فان غوغ رحلة ضوئية باللون والجسد للتطهير من العنف» يسجّل فيها الكاتب التناقض بين ما يعيشه الفنان من واقع يحيط به، وواقع الفنان الآخر. ومن هنا كانت أزمة فان غوغ التي سبّبت مواضيع لوحاته وألوانه وعنف إيقاعاته حرجاً ورفضاً اجتماعياً حادّاً.
ونشرت المجلة دراستين في السينما، الأولى «الشهادة الفيلمية بوصفها عملاً جنائزياً» لسوكو فاي ــــ فاكاليس، وتتناول المخرج ريتي بأنه الناجي من الإبادة الجماعية التي ارتكبها الخمير الحمر، ليغادر بلده على أمل أن يبدأ حياة جديدة في عالم آخر. وإذا به يصبح سينمائياً، ليلقي نظرةً لاحقاً داخل آلية الجريمة عبر أفلامه. أما الثانية «العنصرية ورهاب الأجانب في السينما الإسبانية المعاصرة» ليولاندا مولينا غافيلان وتوماس ج . دي سالفو، فتناولت أفلاماً جريئة تنتقد الأنماط الأوروبية من رهاب الأجانب، كما هي الحال مع فيلم «نظرة الرجل الأسود» لإيمانويل أوريبي، و«تاكسي» لكارلوس سور الذي يعكس قلقاً من الأجندة الإرهابية والعنصرية للفاشية الجديدة في إسبانيا.
واستكملت المجلّة المحور بقصائد لشعراء أميركيين جاءت بعنوان «شعراء ضد الحرب» (ترجمة كامل شاكر حامد)، حيث نقرأ قصائد تدين الحرب لريتا دوف وهيدن كاروث وسام هاميل وبيتر كويوت وجيم هاريسون ومارلين هاكر وفيليب والت وآخرين.
وكعادة المجلة هنالك كِتاب العدد الذي جاء تحت عنوان «الأطروحة اللاهوتية»، وهو النص الكامل للقصيدة التي كتبها الشاعر البولوني تشيسواف ميووش عام 2001. وقد أذن قبل وفاته للأديب هاتف جنابي بترجمة القصيدة ونشرها بالعربية. وهذه القصيدة/ الأطروحة كُتبت بحثاً عن لغة تمكّن الشاعر التحدّث فيها عن الدين، ما دامت اللغة المقبولة التعبدية تمثّل هنا عائقاً... إنها قصيدة تدور حول بحث الشاعر عن ذاته الثقافية ومكوّناتها الأساسية.