strong> ياسين عدنان
لم يصعد أيٌّ من نجوم مصر إلى منصّة قصر المؤتمرات في مراكش خلال اختتام الدورة السابعة من «مهرجان مراكش السينمائي» أول من أمس. إدارة المهرجان فاجأت الجميع باستقدامها النجمة الفرنسية كاترين دونوف في اللحظة الأخيرة لتسليم «نجمة مراكش الذهبية» للفيلم الإستوني «خريف بال» لمخرجه فيكتو أونبو. ويحكي الفيلم قصة شخصيات قلقة ومتوترة وتائهة تتحرك داخل عالم سوداوي مريض في مُجمَّع سكني مغلق تحاصره بنايات شاهقة تعود إلى فترة الاتحاد السوفياتي. أمّا جائزة لجنة التحكيم التي فضّل رئيسها ميلوس فورمان تسليمها بنفسه، فقد حازها مناصفةً الفيلم الفيليبيني «سلينكشوت» لبريونتي ميندوزا الذي يحكي قصة عصابة لصوص تستغل انشغال سكان مانيلا بالانتخابات لتعزيز نشاطها في حي المال والأعمال في العاصمة، والفيلم الروسي «قسوة الأحاسيس» لألكسي ميزخيريف الذي يقدّم صورةً رهيبةً عن الفساد الذي تخبّطت فيه موسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. أمّا الممثّل الفنلندي تومي كوربيلا الذي عانى الويلات مع العجائز والأرامل اللواتي باعهن جسده بعد طرده من عمله في «شغل رجال» للمخرج أليكسي سالمينبيرا، فقد عوّضته لجنة التحكيم خيراً حينما كلّفت حسناواتها الثلاث (أيسا مايكا، باركر بوزي، وسونشير خيخون) بتسليمه مجتمعات جائزة أفضل تمثيل. فيما عادت جائزة أفضل ممثلة إلى طفلة دون العاشرة اسمها يون يون مي أدت دوراً شديد التركيب في فيلم «فتاة الأرض السوداء» للكوري الجنوبي جيون سو إيل. وتقمّصت يون في الشريط شخصية طفلة تعيش في قرية لعمال المناجم برفقة أخيها المصاب بإعاقة ذهنية ووالدها الذي سيفقد عمله إثر إصابته بمرض تنفسي، ما دفعه إلى الإدمان. هكذا، وجدت الطفلة نفسها تتحمّل مسؤولية شخصين عاطلين تماماً عن التفكير، وقد تحملتها بالكثير من القوة والتفاني والحنان الذي سيتحوّل إلى قسوة بريئة مرهفة جعلت الطفلة تقتل أباها المُدمَّر مع نهاية الفيلم.
ورغم أنّ هناك أفلاماً أخرى تستحقّ التتويج كالفيلم الصربي «المصيدة» والأميركي «عائلة سافاج»، إلا أنّ أحداً لم يطعن في نتائج لجنة التحكيم، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار قوة الأفلام التي اختيرت للتباري على «نجمة مراكش» هذه الدورة، والتقارب في مستواها الفني رغم تنوع تيماتها وأساليبها. وهو ما يؤكد أنّ المهرجان ربح رهانه الفنّي والسينمائي. لكن على قدر ما كان ناجحاً على مستوى البرمجة وقيمة الأفلام المعروضة، كان مرتبكاً في الجوانب الأخرى المتعلقة بالجانب الاحتفالي. يكفي هذا الموقف الملتبس من المصريين: إذ كان المنظّمون حريصين على حشد أكبر عدد من نجومهم هذه الدورة. وعندما جاء نور الشريف وأحمد بدير وأحمد راتب وعبد العزيز مخيون وخالد الصاوي وخالد أبو النجا وبوسي وإيناس الدغيدي ولبلبة وهند صبري وإلهام شاهين وعايدة رياض ضمن وفد مصري ضمّ أكثر من 50 سينمائياً مصرياً، همّشهم المهرجان وعاملهم كما لو كانوا سمك زينة. ففي ليلة تكريم السينما المصرية، دعت مقدّمة الحفلة حنان الفاضلي هؤلاء إلى الخشبة مستعملة لقب «السيد» و«السيدة». هكذا تقدم السيد نور الشريف وبعده السيد مروان حامد والسيد ممدوح الليثي. وإذا كان الجمهور يعرف النجوم من وجوههم، فإن المنظّمين لم يقدموا إليه نجوم الظل بألقابهم المهنية على الأقل ليميز المخرج عن المنتج عن السيناريست. أيضاً لا أحد من النجوم مُنح الفرصة للحديث إلى الجمهور. كلمة الوفد المصري التي ألقاها علي أبو شادي كانت رسمية جداً ونجوم مصر لم يفعلوا أكثر من الصعود والنزول في مشهد مملّ أرهقهم وأرهق الجمهور. وظلّوا في حفلة الختام مجرد جمهور من درجة أولى. وكان أولى لو أن أحدهم شارك في تسليم جوائز المهرجان ما داموا متوافرين بهذه الغزارة في مراكش بدل استقدام كاترين دونوف في آخر لحظة.