القاهرة ــ محمد شعير
يسري الجندي غير مرغوب فيه في مصر. بعدما مُنعت مسرحيته “اليهودي التائه” منذ 39 عاماً، ها هي “القضية 2007” المقتبسة عن مسرحيته تجد طريقها هي الأخرى إلى المنع. إذ قرّرت جهة أمنية غامضة وقف العرض المسرحي “القضية 2007” قبل أسبوعين من اختتامه على “مسرح الهناجر” في دار الأوبرا في القاهرة. وأبلغت مديرة المسرح هدى وصفي مخرج العرض حسن الوزير أن ضغوطاً خارجية دفعت وزير الثقافة إلى اتخاذ قرار بوقف المسرحية، رافضةً الكشف عن طبيعة الجهة التي مارست هذه الضغوط. الا أنّ الناقدة المسرحية عبلة الرويني أكدت أنّ السفارة الإسرائيلية مارست ضغطاً لوقف العرض الذي استمر 15 يوماً، وتقرر تمديده أسبوعين إضافيين بسبب النجاح الذي لقيه! علماً بأنّ “القضية 2007” تنتقد السياسة الأميركية في العالم العربي وإسرائيل وتعيد قراءة القضية الفلسطينية.
الكاتب يسري الجندي مؤلف مسرحية “اليهودي التائه” الذي اقُتبس عنها العرض وقدّمها في قراءة جديدة، أعرب عن دهشته مما حدث. وأكّد أنّها المرة الأولى منذ 25 عاماً التي يصدر فيها قرار وقف عرض مسرحي. ويضيف الجندي: “الخطير في الأمر أنّ المنع يأتي بقرار من خارج وزارة الثقافة. لأنني كتبت هذه المسرحية في عام 1968 في أعقاب الهزيمة. وحاول المخرج محمد صديق تقديمها في عام 1972 على خشبة مسرح الحكيم وكانت البطولة لكرم مطاوع وعايدة عبد العزيز وأحمد عبد الوارث. لكن جهاز الرقابة منع عرضها في ليلة البروفة. وكان المسرح يومها يقدم مسرحية لرشاد رشدي “حبيبتي شامينا” التي تعتمد على أسطورة هي الأخرى، وهي تعد أول دعوة للمصالحة. وهو ما كان يتعارض مع دعوتي. هكذا، تشكّلت لجنة برئاسة رشاد رشدي نفسه وتم منع المسرحية!”.
ترى الناقدة عبلة الرويني أنّ “اليهودي التائه” أكثر نصوص يسري الجندي صعوبة، إذ إنّه نص مفتوح يسمح بالحذف وبالاضافة أيضاً، فضلاً عن كونه نصاً تسجيلياً وثائقياً يحتاج الى أكثر من أربع ساعات لتقديمه كاملاً.. وهو أيضاً نصّ تحريضي يعلن موقف أصحابه بوضوح وشجاعة، إذ يتناول الصراع العربي الاسرائيلي ويربط خلاله يسري الجندي بين الوقائع الحالية وسياقها التاريخي منذ خيانة اليهود للمسيح وحتى المذابح والاجتياحات الإسرائيلية اليومية على أرض الواقع. وقد أضاف مشاهد جديدة إلى النص الأصلي تعيد قراءة المتغيرات السياسية والهيمنة الأميركية وعجز الواقع السياسي العربي.
ويقول حسن الوزير إنّ مشاهدته للدبابات الإسرائيلية وهي تجتاح الجنوب اللبناني دفعته الى تقديم هذا النص الذي يتضمن إحاطة واعية شاملة بالقضية الفلسطينية، والمسألة اليهودية من أيام بابل وأشور مروراً بالحركة الصهيونية، وعلاقتها بالقوى الكبرى والأنظمة العربية. ويضيف: “لكننا لم نهاجم أحداً. لقد شخّصنا فقط وضعاً راهناً تمر فيه منطقة الشرق الأوسط كلّها، لا مصر فحسب. لذلك لا أعرف ما الداعي لوقف العرض!”.