نور خالد
تنتج LBC حالياً أول دراما سعودية خاصة. أمّا MBC، فقرّرت رفع سقف التحدي عن طريق تقديم أطول مسلسل عربي. وفي هذه الأثناء، تبدو “دبي” مشغولة بأعمال تروّج لمدن الإمارات... نجوم الخليج قادمون، فاستعدّوا للقائهم

لا تطرح دراما الخليج قضايا تمسّ عمق مجتمعاتها بشجاعة. وهي على مستوى المضمون تعتبر خاسرة، مقارنة بما تقدمه الدراما السورية ثم المصرية بدرجة أقل في السنوات الأخيرة. لكن ضخّ الأموال الذي يقف وراء “دراما الصحراء”، قد يحقق نقلات على مستوى الشكل والمضمون.
وفي خطوات متزامنة، تتبارى “أم بي سي” وتلفزيون “دبي”، في إنتاج دراما، تخدم هدفاً ترويجياً يتمثل بتسويق المدينة الخليجية بوصفها “أرض السلام التي تحتضن أحلام المنبوذين والهاربين والطامحين من مدن العرب الأخرى”. هكذا هي حال تلفزيون “دبي” الذي يستعدّ لإنتاج مسلسل “على شرفة القمر”. كذلك “أم بي سي” تحاول تسويق القصص الخليجية في قوالب مغرية، تدعمها الإمكانات المادية، عبر تقديم مسلسل آخر من 240 حلقة!
ويقول علي الرميثي، مدير تلفزيون “دبي”، إنه قد آن الأوان حتى تخدم الدراما الخليجية الصورة الحقيقية التي باتت عليها مجتمعاتها، بعيداً من قصص تقليدية ومملة. ويختار الرميثي دبي تحديداً، معتبراً أن مدينة تحتضن 200 جنسية مختلفة، ولها ثقلها الاقتصادي الكبير في المنطقة، وسمعتها التي تصل إلى أقاصي العالم، من “الطبيعي أن تفرز دراما تركّز على هذا المزيج”. ويروي “على شرفة القمر” قصصاً عن شباب عرب، تركوا مدنهم وتوجهوا إلى دبي لتحقيق أحلامهم، إلا أن التخوف يكمن في تصوير بهاء الحياة في دبي وسخائها، من دون التعرض الى مآزق جانبية للصورة البراقة، تنتج عن ذلك التمازج. فيغدو الأمر شبيهاً بدبلجة درامية، لا تقول كل الكلام، أو تتفادى سرد الحكايات بلغتها الواقعية.
أما مسلسل “أم بي سي”، الأطول في تاريخ الدراما الخليجية والعربية (حتى مسلسلات الأجزاء)، فتنتجه شركة “الصدف” السعودية (منتجة مسلسل “فاروق الأول والأخير”). ومن المتوقع أن يحشد عدداً هائلاً من الممثلين الخليجيين، من الإمارات والسعودية والكويت واليمن وسلطنة عُمان، في إطار يركّز على الهوية والاحتياجات والهموم. وقد رصدت للمسلسل ميزانية إنتاجية ضخمة، ويراهن العاملون فيه على أن يحقق “نقلة نوعية لدراما الخليج”. ويظهر الهاجس الخليجي “الوحدوي” في مسلسل آخر يستعدّ تلفزيون “دبي” لتصويره، ويتناول قصص مهاجرين عرب الى العاصمة البريطانية لندن. والشخصيتان المحوريتان في المسلسل الذي يحمل اسم “حب في الهايد بارك”، يجسدهما شابان: أحدهما سعودي والآخر إماراتي، تربطهما علاقة صداقة دافئة، تدفعهما لاكتشاف عالم الجاليات العربية.
وباعتبارها “الأم” التي يسعى الإخوة أو الأبناء الصغار إلى إرضائها، مهما علا شأنهم وسطع نجمهم أحياناً، لا تبدو السعودية، عبر إنتاجها الذي تخدمه “أم بي سي”، مكترثة بذلك الهاجس الوحدوي والترويج له. إذ تنشغل أكثر بحواديت “تنفيسية” تنتقد لائحة من الظواهر ـ المتّفق على التعرض لها ـ في المجتمع السعودي. وهي إن جرحت فلا تدمي البتة، و“طاش ما طاش” جزء من هذا السياق. وفي وقت تتبارى الفضائيات العربية الجماهيرية، المملوكة غالباً من رجال أعمال أو حكومات خليجية، في إظهار “ولائها” لبيئة المال وأصحابه، من خلال إنتاج درامي غزير يسلط الضوء على الهوية الخليجية، تغلب لغة الكم على المضمون، ما يولّد أعمالاً تقليدية، لا تخرج من الإطار الساذج لحكايات الدراما التي يجسدّها أب مهمل، وأم متفانية، ومراهقة كحيلة العين “تهري” خط التلفون من كثرة مكالماتها “السرية”. إلا أن الكم الكبير الذي يخرج من شاشات “أم بي سي” و“الراي” الكويتية و“دبي” و“أبو ظبي” وحتى “ال بي سي”، لا يمنع من “إفراز” بعض الأعمال التي تتلمس خطوات جدية، بحكم نظرية التجربة والخطأ. في رمضان الماضي، برز مسلسل “طاش ما طاش 14” السعودي الشهير، الذي ينتقد، بشكل أو بآخر، طبيعة المجتمع السعودي في شكل خاص، والمجتمع الخليجي في شكل عام، من خلال حلقات منفصلة، مثّلها السعوديان ناصر القصبي وعبد الله السدحان. وقد تعرّض المسلسل لحملة انتقادات من أوساط دينية تريد فرض عدد من القيود عليه، ولا سيما في ما ترى أنّه “استهزاء برجال الدين”. واعتبر التركيز على موضوعات متعلقة برجال “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” أو “المطواعة”، أحد الخطوط الحمراء التي تجرّأ المسلسل على محاذاتها. وناقشت برامج دينية المسلسل، وهو ما يدلل على الصدى الذي تمتع به. كيف لا وقد دفع نجاحه “ال بي سي” إلى تقديم نسخة ثانية منه، حملت توقيع المخرج الأصلي للبرنامج عامر الحمود، بعنوان “طاش ما طاش الأصلي”.
وكانت “ال بي سي” قد بدأت قبل شهر التحضير لأول مسلسل سعودي تنتجه بنفسها، ويحمل عنوان “أخوات موسى”. كاتب العمل هو السيناريست عادل الجابري الذي سبق له أن كتب مسلسل “دعاة على أبواب جهنم”، ومخرجه هو الأردني ساعد الهواري الذي سبق أن أخرج عدة مسلسلات سعودية، كان آخرها “أسوار” الذي أثار جدلاً وقت عرضه، ثم أوقف. وسيتم تصوير المسلسل في جدة والرياض والدمام خلال شهر آذار (مارس) المقبل.