فاطمة داوود
مصمم المشاهير يضرب من جديد. في باريس «تنصّل» من مجموعاته السابقة. وفي «برج دبي» افتتح مشروع «أرماني» للشقق الفاخرة. أما في طوكيو، فحمل إلى إمبراطوريّة الشمس الشارقة ــ مصدر إلهامه الأوّل ــ مئات الإكسسوارات والعطورات والملابس

حين أطلق المصمّم الإيطالي جورجيو أرماني أولى مجموعاته للأزياء الراقية Collection Privée عام 2005 في باريس، تساءل كثيرون عن جدوى هذه الخطوة في ظلّ الأزمة الحادّة التي يعانيها قطاع الـ«هوت كوتور»... فجاءت الإجابة الحاسمة من أرماني نفسه: «وددتُ اليوم تقديم تحية إلى النساء اللواتي يخترن الفرادة».
وإن كانت الخياطة بالنسبة إلى أرماني ليست سوى «تأريخ لفساتين السهرة عبر العصور»، فقد قدّم إلى المرأة ضمن مجموعات الملابس الجاهزة تايورات ذات إيحاءات ذكورية، رزينة ورصينة في آن.
وهو الأسلوب الذي طبع عروضه طيلة السنوات الماضية إلى أن جاءت تشكيلة الـ«هوت كوتور» الخاصّة بخريف وشتاء 2008، كي تكشف النقاب عن تصاميم مصنوعة بالأقمشة الخفيفة، وألوان الطبيعة الصارخة.
هكذا، غلبت على المجموعة الملابس الأنثوية، وقد غلّفت بطابع الرصانة، مع حضور بارز لطقم الـ«توكسيدو» بالأبيض والأسود، مُظهرةً قدرة فائقة لدى أرماني على تسخير أدواته الخاصّة خدمةً لإبداعه الجامح نحو الغرابة. كذلك طغت التايورات المؤلفة من التنانير المزنّرة ذات الأشكال المتعددّة: منها المستقيم عند الأرداف والقصير يعلو الركبتين بقليل، وأخرى فضفاضة مع ثنيات عرضية بالأقمشة الفاخرة. فيما تصدّرت السترات الضيّقة واللمّاعة قائمة العرض.
وضمّت الفساتين نوعين: القصير والمستقيم، إذ ضاقت القصّات بغالبيتها عند الخصر، وأُرفق عددٌ منها إما بـ«بوليرو» ذات أكمام فضفاضة من أقمشة الـ«غازار» أو معاطف من الرّيش والفرو الملوّن. أما الطويلة منها، فقد جاءت ذات صدّاريات (بوستييه) كاشفة عن الكتفين، فيما اشتدت عند الخصر ثم انسدلت حتى لامست الأرض. كل ذلك مع قصّات ذات منحنيات ناعمة، وقد اتخذ بعضها شكل تنورة طويلة، ومدوّرة أشبه بالساعة الرملية.
أقمشة أرماني لم تكن شبيهة بتلك التي قدمها في العروض السابقة، بل اعتمد هذه المرة توليفة غريبة، جسّدت التناغم بين أقمشة الـ «ساتان» وجلد التماسيح والـ«غازار» والفرو من جهة، والألوان الإلكترونية الرائجة كالنيلي المزرقّ، والفوشيا، والأحمر الفاقع، والأخضر، إلى جانب الأبيض والرمادي والأسود، من جهة ثانية. وتكرّست هذه الرؤية عبر استخدام مفرط في الأقمشة اللّماعة والـ«ترتر» والـ«ستراس» وحبّات الـ «شواروفسكي» والخرز المتلألئة والبلوّرات الملوّنة.
أرماني المتأثّر جداً بحضارات الشرق الأقصى، كثيراً ما اعتبر آسيا مصدر إلهامه. إذ تدهشه عناية الناس هناك بأدقّ التفاصيل وترتيب الألوان بطريقة متناقضة، إضافة إلى التطوّر السريع والحياة الصاخبة التي تعيشها مدن مثل بكين وشنغهاي. وهو ما يمثّل انعكاساً مباشراً على أزيائه.
يعيش أرماني (75 عاماً)، حالةً دائمة من الغبطة، بعد النجاحات المتتالية التي حصدها في مختلف الميادين. فإذا به يستهلم أزياءه من عشقه للمغامرات والمخاطرة، وقد أطلق عليه المقرّبون: «كل ما يلمسه يتحوّل إلى ذهب».
مكانة أرماني في عالم الموضة بنيت وفق أسس صلبة، بدأت عام 1964 في دار أزياء نينو شرّوتي، وتكللّت باتحاده مع صديقه رجل الأعمال المخضرم سيرجيو غاليوتي، في شركة حملت اسم «جورجيو أرماني سبا». لكن ذلك التعاون لم يدم سوى خمس سنوات، ليكمل أرماني مسيرته وحيداً، محققاً النجاح بإطلاق منتجات مميزّة شملت الأكسسوارات والديكور والملابس المتوسطة الثمن (Emporio Armani) والجينز والعطور، بميزانية فاقت ستة مليارات دولار أميركي عام 2006. أصبح من أبرز مصممي المشاهير، ومثّل تعاونه مع ريتشارد غير في فيلم «الجيغولو الأميركي» مطلع الثمانينيات، محطة مفصلّية في شهرته العالمية.
وفي الشهرين الأخيرين، جال في مدن العالم ليقدّم آخر إبداعاته: من دبي، انطلقت الرحلة حيث كشف النقاب عن مشروع «مبنى أرماني للشقق الفندقية»، بالاتفاق مع شركة «إعمار». وتضمّ مجموعة من الوحدات الفاخرة، البالغة 144 جناحاً في «برج دبي». وقد حرص أرماني على إضفاء لمساته الإبداعية، المرتكزة على الخصوصية والفرادة، مع تخصيص مصعد مستقل وردهة لكلّ شقّة.
وفي 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، انتقل إلى طوكيو بعد غياب 25 عاماً عن المدينة. هناك، افتتح برج «أرماني جينزا تاور» المكوّن من 11 طابقاً حيث تعرض جميع المنتجات الموقّعة باسمه: الملابس والعطور والأكسسوارات والنظارات ومستحضرات التجميل والكتب وديكورات المنازل. ويأتي البرج ضمن سلسلة سبقته في ميلانو وهونغ كونغ وميونخ.