حيفا – فراس خطيب
بعد نهاية الحملة الإعلانية المكثّفة، عرض أخيراً مسلسل «شُغل عرب» (راجع «الأخبار» عدد 20 ت 2/نوفمبر)، على شاشة القناة الإسرائيلية الثانية. إلا أن العمل «المنتظر» جاء مسلسلاً يراوح بين السطحي والرمادي.إذ شدّد في طرحه على الآراء السلوكية المسبّقة والمستهلكة لدى العرب منذ زمن، وعرض صوراً «تدغدغ» أحلام الإسرائيليين. ما دفع بنقاد التلفزيون في الصحف الإسرائيلية الثلاثة («هآرتس»، «معاريف»، «يديعوت أحرونوت»)، إلى الإفراط في مدحه أمس، على غير عادتهم مع بقية الأعمال الدرامية.

تساءل بعضهم ممتعضاً: لماذا تثقلون على كاهل الكاتب والعمل؟ وهذا ما أشار إليه بطل المسلسل نورمان عيسى، حين صرح لـ «هآرتس» بأن «كوميديا «شغل عرب» ليست فيلماً وثائقياً». لكن، لمن لا يعلم، فإن التسويق المكثف والحديث عن «خطوة تاريخية»، وضع هذه الدراما تحت المجهر، شاء عيسى أم أبى. وبالتالي، لا يُعقل تسويق المسلسل على أنّه «حدث تاريخي»، ثم مطالبة المشاهد بالتعامل معه كـ«مجرّد كوميديا»، وخصوصاً أنّ «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى إمكان «بداية تطبيع» (فنّي)، في أعقاب «شغل عرب». فهل العرب وحدهم يُثقلون على المسلسل؟!. وبالعودة إلى «الحدث»، في الحلقة الأولى التي عرضت عند العاشرة من مساء أول من أمس، يلجأ أمجد، الشخصية الرئيسية، إلى تبديل سيارة «سوبارو» بـ «روفر». وذلك حتى لا يبدو عربياً، لأن «السوبارو سيارة عرب».
ومن القرار إلى التطبيق، تتداخل مشاهد كوميدية، فيها الكاراج والعائلة وزوجته الحامل والحواجز... تذوب نَكهة المَشاهد عند التكرار. ويبدو جلياً أن الكاتب سيد قشوع يعيش بحثاً مستمراً لاستعمال كلمات عبرية أثناء الحديث بالعربية، تماماً كما يقدّم صورة نمطية عن تعاطي الشخصية العربية مع محيطها. بحثٌ يميّزه التكرار ليس إلّا. وللهروب من هذا الفخّ، يلجأ الكاتب أحياناً إلى المبالغة، ناسياً أن هذه المبالغة تحتاج إلى أدوات فنية وحوارات قوية، تسعفها. وهو ما افتقرت إليه كوميديا قشوع، حتى باتت بعيدة عن الواقع، تجهد لإضحاك الناس. تظلّ رمادية، لكنها تحمل ضراراً لأنها «تاريخية».
القناة الإسرائيلية الثانية وعدت «جمهور الهدف المبتغى» (العرب) بمسلسل «عربي أولاً وعبري ثانياً». لكن المُشاهد، لمس واقعاً مغايراً: غالبية الحوارات بالعبرية، حتى بين العرب أنفسهم، فيما الترجمة بالعربية والعبرية. قد يبحث بعضهم عن كلمة «طيبة» تجاه المسلسل بين هذه السطور. لكنه لن يجدها. ولمن يهمه الأمر، عليه اللجوء إلى زوايا التلفزيون في الصحف العبرية، الصادرة يوم الأحد. هناك سيجد سيلاً من الإطراءات. يكاد المرء يتساءل: كيف لنا أن نثق بكلّ هذه الهالة «التاريخية»، و«بداية شيء جديد»، في وقت رفض فيه قسم الأخبار في القناة نفسها، توظيف مراسل عربي للأخبار، براتب لا يتجاوز الألف دولار أميركي شهرياً؟