معمر عطوي
لم تعد القمامة (الزبالة) عبئاً على البشرية كما كانت من قبل، أقلّه في الدول المتحضِّرة، التي عرفت كيف تجعل من القمامة، وسيلة لزيادة الدخل والنمو الوطنيين، بدلاً من كونها عامل تلويث للبيئة وسبباً لتفشي الأمراض.
وقد تبوّأت ألمانيا مركز الصدارة في البحث عن إمكانات للحد من التلوّث، فازدهرت فيها «تجارة» القمامة، إلى درجة، أصبحت معها الدوائر المختصة تشتري نفايات الدول المجاورة من أجل إعادة تصنيعها. وخصصت لهذه الغاية أكثر من 80 محرقة يمكن استخدامها في هذه العملية الإنتاجية.
صحيفة «زود دويتشه» أجرت تحقيقاً موسّعاً تحت عنوان «ألمانيا أستاذة النفايات»، تناولت فيه مراحل التطور على هذا الصعيد، خلال العامين الماضيين، حيث جرى إنشاء حوالى 200 مستودع للقمامة في البلاد.
عزَّز هذا التطور الإجراءات التي تفرضها الحكومات الاتحادية، على المواطنين بضرورة فرز القمامة (بلاستيك، ورق، زجاج، مأكولات، بطاريات إلخ...)، ما يؤدي إلى الاستفادة من كل نوع من هذه الأنواع في مجال معيّن.
ويبدو من خلال التحقيق أن عملية تعزيز المنشآت الخاصة بالحرق أو إعادة الإنتاج، عملية مربحة، وقد خصصت ألمانيا مستوعبات تتسع لـ 13 مليون طن تقريباً من الزبالة في السنة، وقد تم إحراق 18 مليون طن منها لهذه السنة، وعملية الحرق لا يقصد منها فقط الاحتراق، بل أيضاً إعادة التصنيع.
وتنقل «زود دويتشه»، عن أحد المراقبين الاقتصاديين، أنه نتيجة هذه التطورات، اختفت «جبال» القمامة من بعض المناطق. ويقول الخبير البيئي في جامعة كيل (شمال ألمانيا) هيرمان كروزي، أن «فوائد نظام التحويل هذا تنعكس على الجهاز العصبي للإنسان، وعلى عملية التنفس، والأمراض الجلدية، مؤكداً أن المخاطر التي تأتي من خلال الاحتراق التقليدي أعلى بكثير من تحويلها». وقد أحصى مركز الدائرة الاتحادية، 565 كيلوغراماً من القمامة لكل بيت ألماني، في السنة.