من أبرز الشهادات التي يسردها الكتاب، قصة الصحافي التلفزيوني غاري ويب، وهو محقّق شهير نال 30 جائزة إعلامية، على مدى 19 عاماً، بتحقيقاته عن فضائح الفساد السياسي. في عام 1996، اختير صحافيَّ العام من جمعية الصحافيين المحترفين الأميركيين. لكن هذا المسار المهني الحافل لم يمنع صحيفة San Jose Mercury News حيث يشتغل، من فصله من عمله تعسفياً، تحت ضغوط وكالة الاستخبارات المركزية CIA. وذلك إثر سلسلة تحقيقات نشرها عن الصلات السرية بين CIA وعصابات تهريب الكوكايين في أميركا اللاتينية.هناك أيضاً تجربة جين إيكري التي بدأت مشوارها المهني قبل عشرين عاماً في الإذاعة ثم أصبحت مقدمة لنشرات الأخبار ومحققة تلفزيونية لحساب قنوات عدة في سانت لويس وأتلانتا وسان خوسيه وميامي. وتخصصت في قضايا الصحة والأمن الغذائي وحقوق المستهلكين. وهي بدورها تعرضت للفصل، وأُدرج اسمها في «القائمة السوداء»، بسبب تحقيق كشفت من خلاله فضيحة الحليب الملوث بسبب حقن الأبقار بهرمونات النمو لزيادة إنتاجها من الحليب من Monsato، أكبر شركات إنتاج الحليب الأميركية. وبمجرد بث إعلان عن قرب إذاعة هذا التحقيق، مارست Monsato ضغوطاً على القناة التلفزيونية التي كانت جين تعمل فيها، وهي أحد فروع شبكة FOX في فلوريدا. ورضخت إدارة القناة للابتزاز، فطلبت من جين إعادة مونتاج التحقيق لإفراغه من محتواه، نظراً إلى استحالة إلغاء بثه بعدما أُعلن عنه. وحين رفضت، تعرّضت للفصل بحجة مخالفة تعليمات إدارة القناة. ومع أنّ شجاعتها في التصدي للضغوط والابتزاز جعلت جمعية الصحافيين المحترفين الأميركيين تمنحها جائزة أخلاقيات المهنة لعام 1998، فقد أُدرجت في «القائمة السوداء»، ولم تجد منذ تلك الفترة أي وسيلة إعلام تقبل بتشغيلها.
من نماذج الرقابة الأخرى، قصة الصحافية أبريل أوليفر التي عملت مراسلة دولية لحساب قنوات تلفزيونية أميركية عدة، كانت الأخيرة بينها CNN. وحصلت على جائزة Cine Golden Eagle عن تحقيق تلفزيوني لها بعنوان «مبعوثة خاصة في أفريقيا» في عام 1996، ثم نالت بعد عامين جائزة Joan Shorenstein Barone Award المرموقة، عن تحقيق فجّرت من خلاله فضيحة جمع التبرعات غير القانونية من جانب البيت الأبيض في عهد إدارة الرئيس كلينتون. وعلى رغم المكانة الإعلامية المرموقة التي اكتسبتها، تعرضت للفصل من CNN، بسبب تحقيق تاريخي اكتشفت خلاله مصادفةً عملية عسكرية سرية خلال حرب فيتنام، أُطلق عليها في الشيفرة العسكرية السرية اسم Tailwind. وتمثّلت في قيام القيادة العسكرية الأميركية بإلقاء قنابل سامة على الجنود الأميركيين الفارين من الحرب. حين بدأت أبريل إعداد تحقيق معمق حول هذه القضية، اتصل وزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر، ووزير الدفاع والخارجية السابق كولن باول، بمالك CNN تيد تورنر شخصياً، وطلبا منه منع هذه الصحافية من إعادة نبش ما سمّياه «الجراح القديمة المؤلمة». وعلى الفور، أصدر تورنر قراراً بفصلها من عملها!