باسم الحكيم
حاول أن يهجر الفن، ويبدأ حياة جديدة في هونغ كونغ. لكنّه عاد بخفّي حنين، ليكتشف أنّه «حبيب قلب» المخرجين. قريباً يطلّ مجدداً في الدراما المحلية، ويتجاوزها إلى المسلسلات الخليجية... والسينما الإيرانية. هكذا هو طلال الجردي، لا يحتمل العيش بعيداً عن الأضواء!

أوشك طلال الجردي أن ينضمّ إلى قائمة الممثلين الذين اختاروا مغادرة بيروت والإقامة في الخارج، بعيداً من أجواء الفن والتمثيل. سافر إلى الصين، مقرّراً خوض غمار التجارة. إلا أنه سرعان ما عاد أدراجه إلى الوطن ورحاب الدراما، «لأن هذه الرحلة جعلتني أرى الأمور بشكل أوضح»... يدرك أنّ لا شيء تغيّر سواء في وضع الممثل والدراما أو في وضع النقابة وقانون تنظيم المهنة، خلال الأسابيع القليلة التي أمضاها في هونغ كونغ، كما أنّه على يقين بأن لا شيء سيتغير في المدى المنظور. مع ذلك، قرر العودة «لأنني لن أتمّكن من تأسيس عمل تجاري رابح قبل ثماني سنوات، فآثرت أن أدخل مجدداً حلبة الصراع الدرامي في لبنان، ولا ألغي أكثر من عشر سنوات قضيتها تحت الأضواء».
وبعد عودته، لم تتأخّر عروض العمل حتى بدأت تطرق بابه. وإذا به يشترك في السينما الإيرانيّة، ويقوم ببطولة فيلم «الولادة الثانية» باللهجة اللبنانية مع الممثلة دارين حمزة، تحت إدارة المخرج الإيراني عباس الرافعي. علماً بأن العمل مرشح للعرض في الصالات اللبنانيّة في شباط (فبراير) المقبل.
بعدها، قصد الإمارات حيث شارك في الدراما العربيّة «بنت النور» للمخرج سامر البرقاوي (راجع البرواز). كما رشّح لدور بغماليون، شقيق إليسار، في سلسلة «حواء في التاريخ» للمخرج محمد رجب، لكنه اعتذر في اللحظات الأخيرة. وها هو يدخل اليوم تصوير خماسية «وحيدة» من مجموعة «مفقودين» للكاتب مروان نجّار والمخرجة جنان منضور، وهو أول إنتاج خالص لنجّار. ويجمع العمل بين الجردي ونجار بعد عامين منذ مسلسل «الطاغية» للمخرجة كارن دفوني، وقد برمجته LBC فور انتهاء شهر رمضان.
ويشير الجردي إلى أن «قصة «وحيدة» تحمل الكثير من التشويق والإثارة، وتدور حول سفّاح يرتكب جرائم قتل نساء بالجملة، ويطلب والد الضحية الأولى من المحقق الخاص رامي (يجسّد دوره الجردي)، اكتشاف القاتل». ويضم العمل عدداً من الممثلين، معظمهم شاركوا في مسلسل «بنت الحي» قبل خمس سنوات، مثل زياد سعيد، إليسار حاموش، رنا نجّار، طارق سويد، إضافة إلى زياد نجّار، جويل حمصي والوجه الجديد جويل داغر. يبدو متشوّقاً للقاء نجار، العائد مجدداً إلى أجواء الدراما التلفزيونيّة بعد عامين على آخر أعماله «حلم آذار»، وبعد فترة استراحة قسرية فرضتها حرب تموز 2006. يومها، كان الكاتب والمنتج اللبناني يضع اللمسات الأخيرة على حلقات «المؤبد» قبل البدء بتصويرها مع بديع أبو شقرا وكارول الحاج: «هو يقرأ كثيراً، ويعدّ نصوصه بعد أبحاث معمّقة. ويحضّر اليوم لثلاثة مشاريع دفعةً واحدة، يدخل بها غمار الإنتاج من الألف إلى الياء. ولحسن حظي، سيبدأ نجّار بالخماسية التي أقوم ببطولتها».
يتوّقف عند فيلم «الولادة الثانية» الذي يروي حكاية مقاوم مستوحاة من حرب تموز. هي قصة مهندس بحري، يواجه المشاكل مع زوجته، ويحاول زميله في البحرية، إقناعه بترطيب الأجواء معها. وعندما يبدأ العدوان على لبنان، يشاهد الأحداث كسواه على الشاشة الصغيرة. هنا، لا وقت للخلافات العائليّة، وعليه إيجاد زوجته الحامل، فيقطع رحلة طويلة من طرابلس إلى بنت جبيل، بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب. لكن الأمور تتعقّد عندما يعلم أنّ شقيق زوجته (علي طحّان) المقاوم، كلّف بمهمة قطع الطريق على الإسرائيليين، كي لا يتمكنوا من تطويق المقاومة... وهكذا يعيش صراعاً داخلياً بين واجب مساعدة المقاومة، وبين البحث عن زوجته، في ظل الجنون التي كانت تعيشه المنطقة يومذاك». وعن كيفية اختياره للشخصيّة، يشير إلى تلقيه اتصالاً من شركة ريحانة لصاحبها علي أبو زيد، وعرض البطولة عليه، «اتفقنا وبدأنا التصوير في اليوم الثاني. وبالتالي، لم أجد الوقت لتفريغ النص إلاّ بعد اليوم الثالث من بدء التصوير».
وإذا كان «حواء في التاريخ»، سينافس الدراما العربية في رمضان ـــــ أقلّه على المستوى المحلي ـــــ فلماذا اعتذر عن المشاركة فيه؟ يكتفي بالقول «إن أموراً مرتبطة بقلّة التنظيم جعلتني أعتذر». لعلّ السباق الذي دخله المخرج محمد رجب مع الزمن لتصوير مشاهد من خماسيتين في يوم واحد، أضاع بوصلة التنسيق أحياناً. هكذا، قصد أكثر من ممثل موقع التصوير، وجهّزوا أنفسهم للمشهد التالي، بالثياب المناسبة والماكياج والشعر، قبل أن يضطروا إلى العودة إلى منازلهم من دون تصوير ولو مشهداً واحداً... فهل هذا ما حدث مع الجردي؟ هنا يرد بالإيجاب: «انتظرت ست ساعات لأصوّر مشهدي من دون جدوى. وأنا لا أستطيع العمل في ظل غياب التنظيم».
قبل نحو عام، أعلن الجردي قرار عدم مشاركته في أي عمل درامي، إلاّ بعد عرض أعماله الجاهزة، وآخرها «الطاغية»، فهل تراجع اليوم عن قراره؟ يؤكد أن «عملين فقط كانا في الأدراج: «ساعة بالإذاعة» لجورج خبّاز الذي يعرض حاليّاً، و«الطاغية» الذي ينتظر نهاية شهر رمضان». وعن دوره في المسلسل، يقول: «أؤدي شخصية الابن الداعي إلى الابتعاد عن الرذيلة، والساعي إلى الاستقلال عن والده المستبدّ. فتراه يحاول وضع حدّ لغطرسة الأب وطغيانه وجبروته، وبناء حياته على طريقته».
ويبقى موضوع النقابة التي انتُخب فيها أعضاء جدد برئاسة أنطوان كرباج... يؤكد أن «أحلامي لم تلتق مع الموجودين على الطاولة، لأن همي الأول والأخير هو تحسين الظروف». وعمّا حقّقته النقابة في الفترة التي كان فيها أحد أعضاء المجلس، يقول: «تم تنظيم جميع الملفات وجدولتها، إضافة إلى بعض التأمينات الطبيّة والمباشرة بإنشاء موقع إلكتروني هو lebaneseactors.org للتعريف بممثلي لبنان».