جورج موسى
حين تقدّم محطة خليجية من بيروت برنامجاً مصرياً... وتلتقي هالة سرحان مع سيمون أسمر وأهم النجوم العرب في برنامج واحد... اندماج «روتانا» مع LBC الفضائية بدأ يؤتي ثماره، و«قناة خمس نجوم» أول الغيث

عند التاسعة والربع من مساء أول من أمس، كان مركز «بيال» في وسط بيروت، يشهد حركةً غير اعتيادية: عادل إمام «متربّع» في صالون الشرف، فيما «الدكتورة هالة» تنزوي في غرفتها، «بتذاكر» الأسئلة التي ستطرحها على «الزعيم». أما المخرج سيمون أسمر فينهمك في الإشراف على بروفات الصوت والإضاءة في الاستوديو، وفريق «روتانا» يُنجز مع فريق شركة P.A.C، ما بقي من التحضيرات... منذ دخولك الاستديو، تلمس ذلك المزيج الغريب: قناة خليجية تبثّ من بيروت برنامجاً مصرياً صرفاً!
هذا المشهد صار يتكررّ يومياً قبل ساعة من موعد إنطلاق برنامج «قناة 5 نجوم» الذي يعرض عند العاشرة مساء مباشرة على قناة «روتانا موسيقى». والضغط الذي يعيشه المشرفون على البرنامج، بدأ منذ أوائل شهر آب (أغسطس) المنصرم. يومها، قرر بيار الضاهر الذي تولى أخيراً مهمة إدارة قنوات «روتانا»، أن يقنع هالة سرحان بالمجيء إلى بيروت لتصوير البرنامج. هكذا بدأت التحضيرات، ورحلة البحث عن فريق إعداد ومخرج لتقديم برنامج يفاجئ المشاهدين، ويكون بمثابة الاختبار الأول لاندماج «روتانا» مع LBC الفضائية. هكذا، تولّت شركة P.A.C التابعة لبيار الضاهر تنفيذ البرنامج من الإضاءة والديكور إلى الإخراج والإنتاج، فيما تبقى لهالة وفريق الإعداد الآتي من مصر، مهمة إنتاج المحتوى وانتقاء الضيوف. على أن يقتصر دور «روتانا» على البثّ طبعاً، والتسويق والدعاية الإعلامية...
تستقبل سرحان مَن يزورها بابتسامة عريضة، تؤكد أنها سعيدة بالعودة إلى الأضواء، لكنها ترفض إعطاء المقابلات، وخصوصاً أنّ أزمة اتّهامها بفبركة حلقات عن فتيات الليل في مصر لم تنتهِ بعد.
قبيل بدء عرض البرنامج، تطلّ هالة على الشاشة، ترسم على وجهها ابتسامة عريضة، ثم تقول بصوت عال: «مش هتقدر تغمّض عينيك». هذه العبارة الشهيرة التي أطلقتها شعاراً لقناة «روتانا سينما»، انتقلت اليوم إلى شاشة «روتانا موسيقى» البعيدة كل البعد عن الجمهور المصري. لكن لماذا يعرض البرنامج على «روتانا موسيقى» لا «روتانا سينما»؟ الإجابة ببساطة، وهي أن التراخيص المعطاة لقناة «روتانا سينما» تشترط البثّ من القاهرة، فيما «روتانا موسيقى» تقدم برامجها من بيروت.
سرحان لم تتقبل بعد فكرة خروج برنامجها من مكان غير القاهرة. وهي التي قالت سابقاً: هو «ضيقٌ لا رعب»، ما يعني أنها منزعجة مما حصل معها، وخائفة من عدم تقبل الشارع المصري لها، بعدما اتُّهمت بـ“تشويه صورة البلاد”. وفيما تؤكد مصادر في الشركة أن هالة ليست ممنوعة من دخول مصر، يبقى السؤال عن توقيت عودتها معلقاً، وخصوصاً أن القضايا المرفوعة ضدها ما زالت في المحاكم.
رغم كل ما سبق، تبقى مصر الحاضر الأكبر في حلقات هالة بدءاً من حديثها ومداخلات الفنانين واتصالاتهم (إلهام شاهين ويسرا وحسن حسني والمؤلف وحيد حامد): «انت وحشتي مصر يا هالة». وكان ذلك جلياً في حلقة أصالة نصري. هذه الأخيرة أنشدت أغنية داليدا الشهيرة: «حلوة يا بلدي»... فاغرورقت عينا المطربة السورية بالدموع، فهي ما زالت متأثرة بخبر منعها من الغناء في سوريا، فيما أكدت أن النقابة لم تصدر قراراً رسمياً بمنعها من الغناء في بلدها حتى الآن. هنا، ما كان من سرحان إلا أن علّقت: «أنا مجروحة لأنني لستُ في بلدي، مع أنني لم أفعل شيئاً!».
أما البرنامج الحالي، فيشبه إلى حدّ بعيد ما كانت تقدمه في «هالة شو»، و«السينما والناس»: الديكور، الإضاءة، المضمون... حتى سيمون أسمر «تمصرن». وإن اختلف تعاطي سرحان مع كاميرا المخرج الشهير الذي جرّب سابقاً مهمة تنفيذ برنامج «استوديو الفن» بنسخة مصرية... هكذا تراه يتحدّث معها أمام الكاميرا، ويدخل المصوّرين إلى قلب الاستوديو. فيما يرفض المخرج المصري هذا الأسلوب الإخراجي، على اعتبار أنّها تفقد البرنامج رصانته. وهذا ما يعوّل عليه صانعو البرنامج. إذ يعلّق أحد المعدين المصريين: «أردنا أن نجمع قوّة الإعداد المصري مع الخبرة اللبنانية في تقديم الاستعراض، والإنتاج الخليجي كي نخرج ببرنامج ضخم». وهي صورة بدأت تنعكس بقوة في صناعة برامج الترفيه في العالم العربي: بيروت مصنع الترفيه التي تتمتع بسقف عال من الحرية، تعانق القاهرة عاصمة الفن العربي... كل ذلك تحت رعاية رأس المال الخليجي.
هل هذا كل شيء؟ كلا طبعاً. عناصر عدة يلعب عليها البرنامج لجذب الجمهور: هناك اسم هالة سرحان الذي بات اليوم ــــ بسبب قضيتها الشهيرة ــــ مغرياً أكثر من أي وقت مضى. أضف إلى ذلك أنّها تصوّر برنامجها في بيروت، وتأتي بالنجوم إلى المدينة التي تخيم عليها أشباح الخوف... أما العنصر الثالث فهو أسماء النجوم أنفسهم: إذ ليس سهلاً أن تجمع في برنامج واحد أحمد السقا، ومحمد هنيدي وأصالة نصري، محمد عبده، وكاظم الساهر... وأخيراً عادل إمام الذي قطع إجازة رمضان للمرة الأولى، وسافر حتى يسجّل لقاءً تلفزيونياً مباشراً على الهواء. لكن لماذا يلبي كل هؤلاء دعوة «روتانا»؟
هناك من يعزو ذلك إلى رغبة الفنانين في تقديم كل الدعم لهالة سرحان، في حين يعزو فيه بعضهم ذلك إلى مغازلة «روتانا» من جهة... والإغراءات المادية من جهة ثانية. ويتردد في الكواليس مثلاً أن عادل إمام تقاضى على ظهوره حوالى 200 ألف دولار. وقد رفض مسؤولون في «روتانا» التعليق على الخبر تأكيداً أو نفياً.
من يتابع «روتانا» هذه الأيام، يلاحظ أن البرنامجين الكبيرين اللذين يقدّمان على «روتانا موسيقى» في رمضان («قناة خمس نجوم»، و«كل يوم مليون» مع بركات الوقيان)، هما من إنتاج شركة PAC، لا شركة «استديو فيزيون» التي يملكها ميشال غبريال المر، وهو مدير مسؤول في «روتانا»، تلفّ علاقته بالشركة اليوم الكثير من الغموض، إثر ما يتردد في الكواليس عن خلافات مادية بين الطرفين.
ألهذا السبب تطغى الروح المصرية على البرنامج إذاً؟ يقول أحد المتابعين إن بيار الضاهر لا يريد أن تكون برامج «روتانا» شبيهة بتلك التي تعرض على LBC الفضائية المخصصة للمشاهد السعودي. وبالتالي، سيضرب عصفورين بحجر واحد عندما يترك لشركة PAC إنتاج البرامج للشاشتين. فبذلك، يحول دون حصول تضارب بين البرامج المقدمة هنا وتلك المقدمة هناك. علماً بأن الوليد بن طلال يفضّل أن تكون المحطتان مستقلتين مالياً وتنظيمياً في الفترة الحالية... ربّما لأن الطرفين لم يصلا إلى اتفاق بشأن تخمين قيمة الفضائية اللبنانيّة.
بقي أن نذكر أن هالة سرحان باتت مقتنعة بضرورة تنويع الضيوف، وعدم التركيز على نجوم مصر فقط في البرنامج، تفادياً للانتقادات. وستفتح قريباً باب الاستوديو لضيوف عرب، ولا سيما من الخليج، مع أن فريق إعدادها المصري يستسهل الاتصال بضيوف من القاهرة. وقد علمنا أن الحلقات الباقية ستستقبل: شيرين (هذا المساء)، منى زكي، حسين فهمي، شيرين عبد الوهاب، أنغام، سمير غانم، محمد حماقي أو مصطفى قمر، ليلى علوي، يسرا، نبيلة عبيد، نور الشريف، أحمد عزّ... وأيضاً نوال الكويتية، عبد الله الرويشد، محمد عبده، حسين الجسمي، صابر الرباعي، كاظم الساهر، نوال الزغبي، هيفا وهبي التي من المحتمل أن تكون ضيفة الختام.
22:00 على «روتانا موسيقى»




في حضرة «الزعيم»

«يحق للزعيم ما لا يحق لغيره»... هذا أبرز ما ميّز حلقة عادل إمام مع هالة سرحان أول من أمس التي شهدت استنفاراً في الاستديو، عززه حضور مسؤولين في «روتانا». ذلك أن الممثل المصري حلّ ضيفاً على مواطنته قبل أشهر على «روتانا سينما». يومها تحدّث عن بن لادن، عمرو خالد، عبد الحليم حافظ، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله... أما أول من أمس، فكان الوضع مختلفاً: اللقاء يسجّل على الهواء والخطأ هنا غير مسموح.
لم يغفل إمام الإشادة بحسني مبارك وتحدّث بإسهاب عن علاقته ببعض الرؤساء العرب من ياسر عرفات إلى بشار الأسد. وأوضح موقفه من الرئيس إميل لحود قائلاً: «يوم قلّدني وسام الأرز، اقترحتُ عليه التمثيل بعد الرئاسة. كنتُ أقصد الإطراء نظراً إلى وسامته وليس انتقاداً له كما روّج بعضهم».
الحلقة لم تأت بجديد على رغم الإعداد الجيد لها: استعاد بداياته الصعبة وتحدّث عن الواقع العربي المؤلم. أما المفاجأة التي أطلقها، فهي تقديمه قريباً فيلماً ينتقد الطائفية ويجسّد فيه دور قسيس. على أن يشارك في الفيلم ابنه محمد إمام، ويكتبه يوسف معاطي. «الزعيم» أغرق سرحان بالمديح وتلقّى اتصالات من عمرو أديب، يسرا، منى زكي... وهيفا وهبي. كما أطلّت في الاستديو نيكول سابا التي شاركته بطولة «التجربة الدنماركية».
وتزامن بثّ الحلقة مع نقل مباراة هامة بين فريقي الأهلي والزمالك، شتّت اهتمام الجمهور المصري بين بيروت واستاد القاهرة، كما شهدت الحلقة تغييراً في مضمون البرنامج. وعوض أن تنتقل هالة مع ضيفها بين استديوهات «قناة خمس نجوم»، إذ يشترط البرنامج على الضيف أن يكون مديراً عاماً لقناة يختارها هو، ويتحدث عن البرامج التي سيقدّمها في هذه القناة... أجري الحوار من مكان واحد. ما دفع بعدد من ضيوف الحلقات المقبلة إلى الاتصال بمعدّي البرنامج، طالبين تصوير حلقاتهم وفق الأسلوب نفسه.