على غرار «المؤرخين الجدد» في إسرائيل الذين يتصدّون، منذ مطلع الثمانينيات، لتفكيك الأساطير المؤسِّسة للمشروع الصهيوني، تشهد السينما الإسرائيلية بروز جيل من «السينمائيين الجدد» الذين يعادون الصهيونية لا بوصفها خطراً على الشعب الفلسطيني فحسب، بل على الإسرائيليين أنفسهم وعلى «الشعب اليهودي»، إذ إن الصهيونية تستغل آلام التاريخ وأبرزها المحرقة النازية، لتحويل ضحايا الأمس إلى جلاّدين. هذا الجيل من السينمائيين يعبّر عن عداء معلن للصهيونية، ولا يكتفي بالدعــــــــوة إلى السلام ومعـــــاداة الاحتلال، كما هي حال مَن سبقوه وأبرزهم عمّوص جيتاي الذي كان أول إسرائيلــــــــي ندّد بتهجير الفلسطينيين من أرضهم في «البيــــــــت» (1980)... علماً أنّه ذهــــــــب إلـــــى شيء من التسوويّة في أفلام مرحلته الأخيرة...
وهناك أيضاً آفي موغرابي الذي لفت الأنظار في مهرجان «كان» 2005، بفيلمه «من أجل واحدة فقط من عينيَّ». أما الأكثر راديكالية فهو إيال سيفان الذي عطّل مهرجان السينما الإسرائيلية في باريس عام 2004، بسبب عدم السماح باشتراك أعمال لمخرجين «عرب إسرائيليين» من فلسطينيي 48.
آخر أعمال هذا المخرج المشاكس كان فيلماً مشتركاً مع المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي بعنوان «الطريق 181: شذرات من رحلة إلى فلسطين ــــــ إسرائيل» (2004). ويخوض سيفال حالياً معركة قضائية في فرنسا ضد الفيلسوف الفرنسي المتصهين ألان فنكلكراوت الذي وصف سيفال بأنه «أحد الرموز الفاعلة لليهود المعادين للسامية»، وقال إنّ أعماله السينمائية «تنضح بالحقد ضد اليهود»!