strong>نادر فوز
لم يبتسم الحظ طويلاً للممثل الشاب شربل رامورابي، ما إن بدأ بتحقيق أحلامه، حتى وافته المنية... خلال تصوير أحد البرامج، قابل شربل بصّارة. سألها حينها، بتهكّم، عمّا إذا كانت علاقته العاطفية ستنجح... أمسكت بيده وجاء ردّها صاعقاً: «ستموت باكراً»... «خاف كثيراً، على رغم أنه لم يكن يؤمن بهذه الأمور»، يقول صديقه سامر السعيدي... فجر الأحد الماضي، صحّت توقعات البصارة، وفاجأ الموت شربل رامورابي وصديقه بشير فيّاض عند الرابعة والنصف فجراً، إثر حادث سيارة على أوتوستراد الزلقا، أدى إلى احتراقها كاملةً.
ولد شربل رامورابي في الدكوانة العام 1978، من أب مدغشقري وأم لبنانية. تخرّج من الفرع الثاني لمعهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية عام 2000، حائزاً إجازة في التمثيل والإخراج. بحث طويلاً عن عمل، إلا أنّ عائقاً وقف بوجهه: هو لا يحمل الجنسية اللبنانية! كان عليه أن ينتظر سنوات حتى يحصل في العام الماضي على فرصة عمل كمخرج ومعدّ في شركة «فايرهورس». شارك في برامج ومسلسلات، منها «الحلّ بإيدك»، و«حكايا» و«السجينة». إضافة إلى تقديم مسرحيات كتب نصوصها وأخرجها، أبرزها «فتح سكون» (مشروع تخرّجه)، «عالدورة»، كما شارك تمثيلاً في «آل صفر» و«معاقون» وغيرها. وكتب سيناريو مسلسلات وبرامج، اشتراها التلفزيون القطري بينها «Fragile» الذي علِم صديقه سامر قبل أيام، أن شركة «فايرهورس» اشترته... وعلى رغم أنه «لا يحمل الجنسية اللبنانية»، مثّل لبنان في مهرجانات بينها «مهرجان الدراما الإغريقية» في قبرص حيث نال مع ديامان أبو عبّود، الجائزة الأولى عن عمل «سبعة قادة على أبواب طيبة».

***


سمير حبشي

تعرّفتُ إلى شربل رامورابي عام 1996، طالباً في كلية الفنون. هو ممثل ومخرج حقيقي. لذا، يمكنني القول إن خسارته لا تعوّض، يعرف كلّ ممثلي لبنان، وما يميزه أنه قارئ جيد للسيناريو، وقادر على تحليل الشخصيات بعمق، فيسهل عليه وضع الممثل المناسب في المكان المناسب... عمل معي كمساعد مخرج في دراما «الحل بإيدك»، فكانت ثقتي به كبيرة، إلى حدّ كنت أطمئن يوم أتأخر على التصوير، لأنه قادر أن يحل مكاني، ويجيد إدارة الممثلين. صدمنا خبر وفاته أثناء التصوير، حيث كان شقيقه جورج يمثل أحد المشاهد التي كان مرشحاً هو لتقديمها في «دخان بلا نار»... وكما رافقني مساعداً في السنوات الأخيرة من حياته، يرافقني طيفه في كل مشهد من «دخان بلا نار».

***


سامر السعيدي

كيف يعني بدو القمر، المشهد رقم واحد من فيلم شربل رامورابي.
الفيلم الحلم الذي بقي منه 30 مشهداً فقط ليصبح سيناريو كاملاً قابلاً للتصوير. 30 مشهداً لينتهي الفيلم، وأصعب الأمور هي نهايتها. ربما لهذا السبب تركت فيلمك معلّقاً، كما تركت لنا أحلاماً على وشك التحوّل إلى واقع. Fragile أتذكره؟ أمضينا سنة ونصف نكتبه معاً، اختلفنا عليه كثيراً وأحببناه كأول عمل نكتبه معاً. أتذكر تجربتك الإخراجية الأولى؟ لم تتسع الدنيا لفرحتك في تلك الليلة، ولم تنتظر بزوغ الفجر لتتصل بي وتخبرني عن روعة الحلقات المصوّرة.
شربل، أخبرتني قبل ثلاثة أشهر عن تلك البصارة التي قالت لك إنك لن تعيش طويلاً. كنتَ يومها خائفاً، قلت لي: لا شيء له قيمة في هذه الحياة، وذهبنا بعدها إلى الكازينو حيث خسرنا الكثير من المال. حتى إننا اضطررنا إلى استدانة إيجار بيتنا في الأشرفية... هذا البيت الذي لم أجرؤ على دخوله بعد. هذا البيت الذي أمضينا فيه ليالي طويلة، كيف سأدخله وأنت تسكن فيه ولا تسكن؟ قتلك حلمك الذي نصحناك بتأجيله.... خططنا لمستقبلك، ناسين أو متناسين كيف يمكن للقدر أن يصنع مستقبلنا كما يريد، حيناً بقسوة وأحياناً بقسوة أكبر.