هل تصلح لغة الجسد لإقامة حوار بين أبناء ثقافات مختلفة؟ الراغبون في تكسير الحواجز التي ترتفع بين الشرق والغرب يؤكدون أهمية البحث عن وسيلة تحاور وتقارب بين الشعوب. تجربة فرقة «يا سمر» الأميركية للرقص تندرج ضمن هذه الرؤية، فمن خلال حركات إيقاعية معاصرة يحاول أعضاء الفرقة تصحيح صورة المرأة المسلمة في مخيلة الغرب وتأكيد أنها تحيا حياة عادية. الفرقة التي قدمت عروضاً في الولايات المتحدة، شاركت أول من أمس في فعاليات مهرجان عمان الدولي للرقص المعاصر. تقود الفرقة سمر حداد كينج الأميركية الأردنية الأصل، وقد قدمت في عمان لوحات راقصة متنوعة، وصفّق الجمهور طويلاً عند مشاهدة لوحة تظهر فيها راقصة تأتي بحركات تعكس الحياة اليومية لفتاة عادية، تنظف المنزل وتتناول الطعام ثم تستعدّ للخروج. وتضع الراقصة عدة اقمشة على جسدها إلى أن تنتهي بوضع القطعة الاخيرة وهي الحجاب وتخرج من المنزل.
وقالت كينج بعد العرض، إن الهدف من هذه اللوحة التأكيد على أن هذه الفتاة «هي نفسها منذ البداية، وأنها لم تتغير حين وضعت الحجاب»، وأضافت «قررت منذ صغري أن أكون فنانة وتعلمت الرقص بدل أن أخوض غمار السياسة. نظهر في لوحاتنا الراقصة العرب في حياتهم اليومية، ونواجه الصورة المشوهة في الغرب الذي يرى وجهاً واحداً للعرب وهو وجه سلبي».
ولفتت كينج إلى أن «نقاشاً كبيراً يجري في الولايات المتحدة حول الحجاب. يقولون إن المرأة ليست حرة إذا لبست الحجاب، لكن صديقاتي اللواتي يضعن الحجاب يعشن حياتهن الطبيعية مثلي».
وتتناول لوحة أخرى للفرقة الصراع بين أبناء الديانات المختلفة والايمان المشترك الذي يجمع أتباع كل دين. وفي هذه الرقصة يرى المشاهد ثلاث راقصات تمثلن جميع الاديان، وتحمل كل واحدة منهن «دلو» المعتقدات ليتصارعن خلال العرض الذي يستمر 17 دقيقة، ويتفاقم الصراع لكن الراقصات يصلن في النهاية الى مرحلة من التناغم.
وقالت كينج «لأنني من الشرق الاوسط أدرك أبعاد الصراع الديني القائم حالياً، وأدرك ان أبناء الديانات المختلفة عاشوا من قبل في تناغم اكبر... هذا ما دفعني للتفكير في هذه الرقصات». وأضافت أن الرسالة التي توجهها الفرقة تتضمن دعوة إلى كل الناس ليركزوا على الأمور التي تجمعهم.
وتحاول الفرقة المكونة من تسعة اعضاء طرح عدد من المواضيع الثقافية والتكنولوجية، وتستخدم الأقمشة لإضفاء طابع خاص على رقصاتها. وستتوجه اليوم إلى رام الله لعرض هذه الرقصات.
بدأ مهرجان عمان الدولي للرقص المعاصر يوم الخميس الماضي ويستمر حتى 5 أيار المقبل. ويشارك في تنظيمه مركز «هيا» الثقافي بالتعاون مع وزارة الثقافة، وتشارك فيه فرق رقص من 12 بلداً تقدم 17 عرضاً. ومن الفرق المشاركة في المهرجان في سنته الاولى فرق من بريطانيا وجنوب افريقيا وصربيا ولبنان ومصر وتونس والبرازيل وغيرها احتفالاً بيوم الرقص العالمي. ويتضمن المهرجان ورشات عمل تهدف إلى إيجاد مساحة جديدة من التواصل بين الثقافات.
(رويترز)