على مدى العقد الماضي، احتلّ الخبر العراقي الصفحات الأولى في وسائل الإعلام الأوروبية، وغدت الويلات القادمة من ذلك البلد الخبز اليومي للصحافة الباحثة عن خبر جاهز. في ذلك الوقت، ظلّت السينما تبحث عن حيّز ترتاده لاستجلاء حقيقة أو كشف حالة. ولكون حروب العراق تستنسخ حروباً جديدة، قرّرت مخرجتان أميركيتان خوض المغامرة، وعادت كل منهما بجزء من الصورة الراهنة للعراق. في شريطها “موطني، موطني”، حملت لورا بويترس كاميرتها الى العراق، لتوثيق ردود الفعل على أول انتخابات تجرى في ظلّ الاحتلال. وقع اختيارها على الطبيب رياض، المرشح السني، والناقم والمنتقد للسياسة الأميركية. مع ذلك، فإنّ حواراته تشي بأنّه يحلم بعراق يتمتع بسيادة وقانون على أرضه. إلا أنّ المخرجة، الغريبة عن تعقيدات الوضع العراقي وتشابك سلّم أولوياته، أبقت شريطها يدور في حلقة مفرغة.
أمّا معالجة باتريشيا فولكرود في شريطها “حقيقة الأرض: بعد أن تنتهي المذبحة” فجاءت أكثر تأنّياً. تدعونا الى متابعة فصول من التدريب وغسيل الدماغ التي يتعرض لها الجندي الأميركي، ومن ثم تنتقل الى فصول من يوميات هؤلاء الجنود الذين عملوا في العراق، وتسترجع من خلالهم مشاهد وأحداث تعرضوا لها. النقلة الدرامية التي أجادت المخرجة التقاطها، هي ذاك التحول الذي يدبّ في وعي الجنود مع موت زملائهم أو فقدان طرف من أطراف جسدهم. أما أكثر فصول ذلك الشريط قوة، فهو وعي الجنود بالكذبة، وما دامت خياراتهم محدودة يقررون الانخراط في الحركات المطالبة بوقف الحرب وسحب الجيش الأميركي من العراق.