strong>محمد خير
كان اسم المسلسل الذي حقق شعبية كاسحة آنذاك هو «رحلة المليون». في منتصف الثمانينيات، وعند السابعة مساءً من كل يوم، كانت تحتشد الأسرة المصرية لمتابعة كفاح الرجل الفقير سنبل (محمد صبحي)، من أجل جمع مليونه الأول... كان يتمرس في شظف العيش، وينام الليالي من دون عشاء توفيراً للنفقات. لم يتخلّ عن بخله إلا عندما قابل دلال، مكافحة، فقيرة وخفيفة الظل مثله. أقنعته بأن يتزوجها، وفي إحدى الليالي اكتشفت أنه يخبئ نقوداً... يعود سنبل إلى حجرتهما الفقيرة يوماً، فيجدها اشترت تلفزيوناً ملوناً، أثاثاً جديداً، وطعاماً فاخراً. لكن أكثر ما استفزّه أنها ذهبت إلى صالون التجميل، انتزع “الباروكة” عن شعرها وأعطاها “علقة ساخنة”. بعد عشرين عاماً، ذهبت دلال (سعاد نصر) إلى عيادة الطبيب من أجل عملية التجميل، لكن عقابها هذه المرة كان غيبوبة عميقة. ومثلما منحها ضرب الزوج، سنبل، تعاطفاً من الجمهور، كان التعاطف هذه المرة أكبر، لأن زوجها الحقيقي محمد عبد المنعم دخل في صراع على ميراثها، وهي بعد في غيبوبتها، وأقام دعوى للتصرّف في أملاكها. في الحالتين، كانت سعاد نصر محطّ محبة الجمهور وتعاطفه. في المرة الأولى، كان التعاطف موعداً لميلاد نجمة كوميدية طالما أسعدت الناس، وفي المرة الثانية موعداً لرحيل آخر حبة في عنقود مميز، هو نفسه الذي تنتمي إليه سناء يونس التي رحلت قبل أشهر قليلة.
على الرغم من أن سعاد نصر (54 عاماً) شاركت يوسف شاهين في فيلمين هما “حدوتة مصرية” و“اسكندرية نيويورك”، ولكن مشوارها الفني ارتبط بالفنان محمد صبحي، منذ قدمت معه “رحلة المليون” ثم “يوميات ونيس” الذي امتدّت حلقاته إلى خمسة أجزاء. كما وقفت أمامه على المسرح في “الهمجي”، التي لاقت نجاحاً كبيراً في الثمانينيات، وشاركته بطولة الفيلم الكوميدي “هنا القاهرة”.
عملت نصر أيضاً مع المخرج الراحل عاطف الطيب، في فيلم “الغيرة القاتلة”، وقدمت أحد أجمل أدوارها في فيلم “البداية” للمخرج صلاح أبو سيف: عندما سقطت الطائرة في الصحراء، وتشكّل مجتمع صغير من الناجين يحكمه ديكتاتور (جميل راتب)، أدت نصر دور راقصة انكسرت قدمها أثناء السقوط. وفرض عليها الديكتاتور وظيفة عجيبة، أن “ترقد” فوق بيض كان بجعبة فلاح حتى يفقس البيض! آخر أعمالها سينمائياً كان “خريف آدم” للمخرج كامل القليوبي، وتلفزيونياً “الليل وآخره” مع النجم يحيى الفخراني، و“مشوار امرأة” مع نادية الجندي و“أحلام عادية” مع يسرا.
أثارت غيبوبة نصر قضية مراكز التجميل في مصر، وقرر البرلمان فتح ملف المراكز والمستشفيات التي تجرى فيها عمليات شفط الدهون، وفحص تراخيصها وكفاءة أطبائها، وإغلاق ما ليس ملتزماً منها بالمعايير المهنية السليمة. إلا أن كل هذا بالطبع لم يعد سعاد إلى الحياة، ولم ينقذها من الغيبوبة التي بدأت في 27 كانون الأول (ديسمبر) 2005. ورأى بعضهم أنها توفيت سريرياً بعد شهرين من بدء الغيبوبة. لكنها رحلت رسمياً عندما نقلت إلى مدافن الأسرة في منطقة حلوان، جنوب القاهرة، أول من أمس، وبصحبتها جمع حاشد من المحبين والفنانين.