جورج موسى
أضواء وضجة وزحمة فنانين وتصريحات نارية...
إنه مهرجان “الدوحة الثامن للأغنية” الذي يفتتح اليوم، مراهناً على النوعية والاختلاف


انتظرت الأغنية الخليجية سنوات طويلة قبل أن تخترق سوق الكاسيت وتحقق حضوراً مقبولاً في المشهد الغنائي، بعدما كان انتشارها محصوراً في شبه الجزيرة العربية ودول الخليج. تزامنت هذه “النهضة” مع ولادة مهرجانات غنائية في الدوحة ودبي والكويت ومسقط وجدة... استطاعت تدريجاً أن تفرض اسمها على خريطة نشاطات الشتاء الفنية، وتحقق صدى طيباً، وتنعش الحركة السياحية.
قبل سبع سنوات، أطلّ مهرجان “الدوحة الغنائي” معلناً دخول قطر الساحة الفنية من بابها الواسع. وحرص التلفزيون القطري (المنظم للحدث) على انتقاء توليفة في كل دورة تجمع فناني الصف الأول مع أصوات عربية شابة، ومواهب قطرية تستحق الدعم. جذب المهرجان الصحافة العربية، ونجحت المؤتمرات التي تأخذ حيزاً أساسياً من فعالياته، في إثارة موجة من النقاشات والتصريحات العنيفة (إهدار دم الراحلة ذكرى، خلاف المطربة أحلام مع صحافية لبنانية، هجوم ملحم بركات على زملائه)، هذا فضلاً عن نقاشات جادة حول وضع الأغنية العربية وتدني مستواها. أضف إلى ذلك أن اللجنة التنظيمية اشترطت تقنيات عالية في الحفلات، وسلّطت الضوء على قادة الفرق الموسيقية وتجاربهم. فقررت مثلاً العام الماضي عدم إدخال أي آلة موسيقية كهربائية إلى خشبة المسرح، والاعتماد على الآلات الإيقاعية والوترية فحسب، والخروج بالتالي بأغنيات ذات توزيع مسرحي جديد يختلف عن ذلك الذي يسمع في الألبوم. وهذا الشرط مثّل عائقاً لدى بعض الفنانين، حتى ان عبد المجيد عبد الله ألغى سهرته بسبب إصراره على إدخال الأورغ إلى المسرح.
مساء اليوم، تفتتح أمسيات المهرجان الذي اختار المغرب العربي ضيف الشرف لدورته الثامنة. وهو بذلك يجاري الفضائيات العربية التي اكتشفت فجأة تلك المنطقة المنسية من العالم العربي، وأطلقت محطات مخصصة لجمهورها. وها هو المهرجان يبادر إلى تسليط الضوء على فنانين، هم أصحاب تراث موسيقي زاخر وحناجر ذهبية، عانوا طويلاً من تهميش شركات الإنتاج لهم، وانصراف الإعلام عنهم.
تستمر حفلات المهرجان خمسة أيام، وتفتتح هذا المساء مع الفنان المغربي المعروف عبد الوهاب الدوكالي. وعلى رغم أن الأغنية المغاربية لا تحظى بالانتشار الكافي في الخليج العربي، سيتعرف جمهور الدوحة الى فنان بدأ مسيرته قبل 40 عاماً، وحققت أغنياته شهرة واسعة. صاحب “مرسول الحب” عرف بقدرته على جذب جمهور الشباب، وتمسّكه بالتراث الموسيقي المغربي وتوظيفه بانفتاح على أنواع الموسيقى الأخرى، الغربية والشرقية. العراقي ماجد المهندس سيحلّ ضيفاً على الحفلة الأولى، وهو شارك في أمسيات العام الماضي. وتطلّ الإماراتية أحلام التي أحيت حفلات عدة في الدورات السابقة، ويغني معها المطرب التونسي صابر الرباعي. في الليلة الثانية، يغني عبد المجيد عبد الله في سهرة مؤجلة من السنة الماضية، وتطلّ في الليلة نفسها نوال الكويتية التي ألغت حفلتها في الدورة السابعة بعدما توقفت سهرات المهرجان حداداً على وفاة أمير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح. وتشارك في السهرة عميدة الأغنية المغربية نعيمة سميح التي أثرت الأرشيف الفني المغربي بروائع ما زال يرددها الصغار قبل الكبار. مساء الجمعة 12 من الشهر الجاري، يلتقي كاظم الساهر من جديد بجمهور الدوحة، وهو أحيى السنة الماضية سهرة استثنائية كرّم خلالها رائد الأغنية العراقية ناظم الغزالي. كما يطلّ قطب مغربي ثالث هو عبد الهادي بلخيّاط، صاحب “القمر الأحمر”، وأحد أبرز صنّاع الأغنية المغاربية. وتشارك في الأمسية أيضاً مواطنته أسماء المنور التي سبق أن أدت مع كاظم الساهر قصيدة “أشكو أياماً”، وقدماها معاً في الدورة السادسة. في الليلة الرابعة، تشدو نجوى كرم، التي تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة في دول الخليج. ويغني معها مطرب الخليج الأول الإماراتي حسين الجسمي والقطري فهد الكبيسي. وتختتم حفلات المهرجان مساء الأحد 14 الشهر الجاري مع الشابة المصرية آمال ماهر، مطربة دار الأوبرا التي توجهت اخيراً إلى سوق الكاسيت، إضافة إلى فنان العرب محمد عبده.
ويكرم المهرجان عدد من المحلنين العرب بينهم عمار الشريعي، إضافة إلى المطرب القدير أبو بكر سالم في مناسبة مرور 50 عاماً على بدء مشواره الفني.
وفيما لم تتضح بعد الصورة النهائية لفعاليات مهرجاني “دبي” و“هلا فبراير” الكويتي (ينطلقان عادة في هذه الفترة)، هل تنجح “الدوحة” في رهانها على المغرب العربي؟