القاهرة ـــ محمد محمود
بعد سنوات من الغياب، تعود الدراما السياسية بقوة إلى الشاشة المصرية. وفيما يسلّط “نقطة نظام” الضوء على الصراع العربي الإسرائيلي من جديد، قرر مسلسل “الملك فاروق” تناول سقوط الملكية في مصر مرة أخرى، كما بدأت المخرجة إنعام محمد علي التحضير لعمل ثالث يتحدث عن عالِم الذرة المصري علي مصطفى مشرفة. وسط هذه الفورة، أراد محمد صبحي أن يكون حاضراً في المشهد. لذا، قرر العودة إلى الشاشة بعمل يناقش قضايا الفساد والكوارث التي عصفت بمصر في السنوات الأخيرة. ويتناول “رجل فقير غني” قضية حوادث غرق العبّارات، بأسلوب كوميدي ساخر. هي قصة رجل ثري، تنقلب حياته رأساً على عقب إثر تعرّضه للإفلاس بسبب غرق عبّارة كانت تحمل موادّ أساسية لأكبر صفقاته. وهكذا، يبدأ بناء نفسه من جديد، عبر رحلة الصعود، يستعرض خلالها الفساد المُستشري في أروقة المؤسسات الحكومية وشوارع المجتمع المصري.
وبعد “ملح الأرض” الذي كشف فساد عالم رجال الأعمال، و“فارس بلا جواد” الذي أثار حفيظة منظمات يهودية بسبب اتهامه بتقديم نظرة خاطئة عن “الصهيونية” ومخططاتها في الشرق، و“عايش في غيوبية” الذي أفرج عنه التلفزيون المصري قبل أيام، قرر صبحي أن ينطلق هذه المرة من حادثة تركت آثاراً يصعب محوها من ذاكرة المصريين: غرق عبارة السلام 98 في مطلع العام الماضي، وقد راح ضحيتها أكثر من 1000 شخص، فيما لا يزال مالكها حراً طليقاً. هذه العبّارة لن تشغل صبحي وحده، إذ حصل أخيراً الكاتب وحيد حامد على موافقة الرقابة على كتابة سيناريو فيلم يسجّل الواقعة الحزينة. وكان الكاتب قد أعلن عن نيته تأريخ الحادثة بعد أيام من وقوعها، وقد قام فعلاً برحلة على عبارة تسلك الطريق نفسها. وتردد وقتئذ أنه تلقّى تهديدات من مالك العباراة الغارقة، والهارب إلى لندن، بعدم التعرض لشخصه في الفيلم. وقد جاء في نص موافقة الرقابة: “يرخّص للسيد وحيد حامد، مؤلف سيناريو “عبَّارة الموت”، بتقديم شريط سينمائي عنها، شرط عدم المساس بمصالح الدولة العليا والتزام جميع القوانين الرقابية، على أن يبقى حكم الأجهزة الأمنية النهائي على الفيلم بعد مشاهدته”.
وقد أبدى حامد حماسة لبدء التصوير، مؤكداً أن الموعد بات قريباً.
اهتمام الدراما بالقضايا السياسية لم يتوقف عند “عبّارة الموت”، إذ بدأ الأربعاء الماضي عرض فيلم “مهمة صعبة”. وهو فيلم حركة من بطولة طارق علّام وعلا غانم ومجدي كامل. وقد ناقش الفيلم للمرة الأولى قضية وزارة الزراعة التي شغلت الرأي العام طويلاً، بعدما سمح بعض مسؤولي الوزارة باستيراد أسمدة تحتوي موادّ سامة. وقد أكدت جهات مختصّة أن هذه المواد السامة أدت إلى ارتفاع نسبة السرطان في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة. وبعد جهد وافقت الرقابة على النص، مشترطة حذف كل ما يتعلق بوزارة الزراعة، لكن المشهد الأخير من “المهمة الصعبة” انتهى بطلب قاضي المحكمة استدعاء وزير الزراعة لسماع أقواله في القضية الشهيرة... وإذا استمرت الدراما المصرية في اتّباع نهج الجرأة نفسه، فإن وزارء كثراً مرشحون للظهور على الشاشة، وهم في قفص الاتهام.