strong>عبد الغني طليس
لم تكن نجوى كرم في الحلقة التكريمية التي أعدّتها لها LBC أخيراً هي نفسها نجوى كرم. لم يكن صوتها هو صوتها. كانت انساناً آخر يغنّي، لا يكاد يعرف شيئاً عن تلك المغنية البارعة القديرة والمتمكنة مما تغني وتفعل وتقول...
ولعلّ المسافة بين الإجادة والإخفاق كانت أوسع مما يتوقع أحد، وتحديداً في موال “موجوع” لسمير يزبك الذي اعادت نجوى إحياءه بعد عقدين تقريباً من انطوائه على رفوف المكتبات الاذاعية.
الموّال يبثّ اليوم في إذاعة محلية بتسجيل ذهبي اداءً وحضوراً لصوت نجوى. وهي أدته أيضاً في الحلقة التلفزيونية التي عُرضت على الفضائية اللبنانية بعد تأجيل متماد، بعنوان “شو هالحلا: حلقة خاصة لنجوى كرم”.
كانت المسافة بين التسجيلين مخيفة: ففي النسخة الاذاعية، يصدح صوت نجوى بالموّال كما يليق بالفولكلور اللبناني الغني والعميق، وكما يليق بالصوت المتماسك كأنه نبع ماء يتدفق. اما في التسجيل التلفزيوني، فلا يصدح صوت ولا يهزج موال ولا يرتاح فولكلور ولا ينبجس نبع!
يعرف الجمهور أن نجوى كرم تنتقي بعنايةٍ اطلالاتها التلفزيونية، وتمحّص فيها وتدرس سلبياتها وإيجابياتها، وتفهم جيداً في توقيت العرض ووقت الانكفاء... لكن أحداً لم يعرف بعد كيف وافقت على عرض هذه الحلقة التي تكاد تكون الأسوأ في حياتها الفنية من ناحية جهوزية صوتها تحديداً... الاغاني التي قدمتها في الحلقة كانت أقلّ احترافاً في الاداء، والمواويل أقلّ إقناعاً، حتى الثقة بالنفس كانت اقلّ من العادة بكثير. ليست هذه نجوى كرم، وليس هذا صوتها. ولأن كرم تدرك جيداً أين مكامن قوتها وأين نقاط ضعفها، عليها أن تعيد مشاهدة الحلقة بهدوء وقدرة على التمييز... فذلك سيجعلها تتأكد مما صنعت بنفسها. ويمكن عندها أن تشعر بأن تأجيل الحلقة مرات عدة جاء لمصلحتها، بل كان ينبغي ان يُلغى عرضها من الأساس...
شارك في الحلقة اكثر من شخصية فنية وإعلامية، بعضهم تحدث عن صوت نجوى وجمالياته، فيما شارك بعضهم الآخر غناءً مثل سمير يزبك. إلا أن الكلام لم يكن مناسباً، لأن الغناء كان يناقض اي كلام عن المستوى الذي عرفت نجوى به. كما أن غناء سمير يزبك لم يكن سوى... نوستالجيا ناقصة. من فقرة الى أخرى، ومن اغنية الى اخرى، ومن كلام الى آخر، كان يبدو ان نتيجة الحلقة لن تكون في مصلحة نجوى. ولعلها المرة الاولى التي يظهر فيها ارتباك او عدم انسجام بين نجوى وفرقتها الموسيقية بقيادة طوني الشعك: فهل فرضت نجوى الحلقة على الجميع ولم تأخذ برأي احد، ام أن هناك من نبهها (كطوني الشعك مثلاً) ولم ترد السماع إليه؟ ام أن الشعك نفسه لم ينتبه الى ضعف صوت نجوى وعدم قابليته وطواعيته في يوم التصوير؟... اسئلة كثيرة لن تنتهي “مدة” صلاحيتها لأن الحلقة صورت قبل أشهر عدة، ولأن طوني الشعك لم يعد قائد فرقة نجوى الموسيقية... أسئلة ينبغي أن تطرحها نجوى مجدداً على نفسها، وأن تكون مستعدة للإجابة عنها مهما كان ذلك قاسياً.
غلطة الشاطر بألف؟ غلطة نجوى أكبر لأنها اكبر من مفهوم “الشاطر” بالمعنى اللبناني في الغناء الاحترافي.