محمد خير
لم يقدّر لماجدة الخطيب أن تلحق بعرض مسلسلها «لا أحد ينام في الإسكندرية» المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه لإبراهيم عبد المجيد. ظلّ العمل يتخبط في أروقة الإنتاج لسبع سنوات، وأصاب العاملين فيه بلعنة خاصة: ماجد المصري وحنان سليمان، لم يشترك أحد منهما في أي عمل فني منذ سنين. أما ماجدة الخطيب فكانت لعنتها الخاصة تطاردها طوال حياتها.
ماجدة الخطيب التي رحلت، أول من أمس، عن 63 عاماً، دخلت السجن مرتين، في الأولى برّأتها محكمة النقض من تهمة تعاطي المخدرات. أما في الثانية، وبعدما قتلت شاباً بسيارتها عن طريق الخطأ، هربت خارج البلاد لسنوات، ثم أدركت أن لا أحد يمكن أن يهرب من لعنته، فعادت لتدخل السجن، ثم خرجت في منتصف مدة العقوبة، لحسن السير والسلوك. على رغم ذلك، كانت اللعنة الحقيقية التي تطارد الخطيب هي لعنة فنية. لم تحصل ماجدة يوماً على لقب «الفنانة القديرة» ــ إلا في العناوين الصحافية التي أعلنت رحيلها ــ على رغم أنها شاركت في ثمانية أفلام تضمنتها قائمة أهم مئة فيلم مصري: «الجبل» لخليل شوقي (1965)، «الكرنك» لعلي بدرخان (1975)، «بين القصرين» لحسن الإمام (1964)، «ثرثرة فوق النيل» لحسين كمال (1971)، «حدوتة مصرية» ليوسف شاهين (1982)، «العوامة 70» لخيري بشارة (1982)، « قنديل أم هاشم» لكمال عطية (1968)، «زائر الفجر» لممدوح شكري (1975)، إضافة إلى العديد من الأعمال الهامة التي لم تدخل في القائمة، أشهرها «أفواه وأرانب» لهنري بركات (1977)، «يا دنيا يا غرامي» لمجدي أحــــــمد عـــــــــــــلي (1996)، «أمــــــــهات في المنــــــفى» لمحمد راضي (1981).
سبعون فيلماً شاركت فيها ماجدة الخطيب وأنتجت بعضاً منها. ومن أهم ما أنتجته «زائر الفجر»، «توحيدة»، «الخانكة». وكان لها نصيب في الأعمال المقتبسة عن أعمال أدبية أجنبية وعربية. فبطولتها الأولى كانت في «دلال المصرية» لحسن الإمام (1969) الذي اقتبسه نجيب محفوظ عن قصة «البعث» لتولستوي. أما مسرحية «زهرة الصبار» التي أدتها أمام سناء جميل وصلاح السعدني، فقد قام بإعدادها يوسف إدريس. في حين كان أول أفلامها «الجبل» مقتبساً عن رواية بالاسم نفسه للراحل فتحي غانم.
لم تبد الخطيب بحال جيدة في «بنات وسط البلد» لمحمد خان (2005)، ولا في آخر أفلامهما «آخر الدنيا» لأمير رمسيس الذي عرض في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير... المرض والوحدة ألقيا بظلالهما عليها. وبعد حياة متقلبة وألم تجربتي زواج انتهتا بالانفصال، بعد تسع سنوات في الأولى وثلاث في الثانية، استسلمت الفنانة ذات الأصل التركي للموت. وكانت ابنة البحار من ملكة الجمال، حصلت على جائزتها الأخيرة في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن فيلمها القصير «الزيارة». غير أن المهرجان قام بتحويل قيمة الجائزة إلى المستشفى، لتغطية تكاليف العلاج! إنها اللعنة التي لم تهدأ حتى آخر لحظة.