لا يكتفي منذر مصري بكتابة الشعر، بل هو رسّام أيضاً. أقام أكثر من معرض فردي، ولوحاته مزيج من الموسيقى والألوان والتخطيطات التي تبدو كما لو أنها الحياة السرّية لقصائده، أو الجانب المرئي منها. الوضوح هو إحدى إشاراتها ومفاتيحها. كائنات في أقصى حالات عزلتها واحتجاجاتها وبورتريهات شخصية، بالأبيض والأسود، كثيراً ما رافقت قصائده كنص بصري موازٍ لتهويماته الشعرية.في اللاذقية مكان إقامته، يعرفه الناس وبعض الأصدقاء، ليس بوصفه شاعراً في الدرجة الأولى، إنما المشجّع الرياضي المرّ لفريق “حطين” لكرة القدم. يندر أن يغيب عن الملعب في مباريات هذا الفريق، صاحب القمصان الزرقاء، وهو مستعد للنقاش في شؤون الرياضة، أكثر من حماسته للشعر والرسم.
في مرسمه الفوضوي، سيجد الزائر أرشيفه المتناثر ومسودات قصائد قديمة، ومخطوطات صرف النظر عن نشرها، وجزءاً من مكتبته ولوحاته المنجزة و أخرى مؤجلة، وبعض ذكرياته الشخصية على الجدران و“المخدات”.
قبل سنتين، اكتشفت المترجمة الفرنسية كلود كرال قصائد منذر مصري، فنقلت مختارات منها إلى الفرنسية، وصدرت في العام الماضي في باريس تحت عنوان “أهل الساحل”. وهو عنوان قصيدة له يقول فيها “أهل الساحل، لا يعشقون البحر كما تظنون. قبورهم، اصعدوا إليها، حجرية ملساء فوق التل. لا يعشقون نساءهم كما تظنون. نظراتهم تذوب في الماء، وأحذيتهم أشرعتها دائماً منفوخة”