بيار أبي صعب
كان بودّنا أن نهنّئ فنان الكاريكاتور المغربي عبد الله درقاوي. لكنّ الجائزة التي فاز بها في إيران، عن مشاركته في «مسابقة رسوم كاريكاتوريّة حول محرقة اليهود»، أقلّ ما يمكن أن يقال فيها إنها غير مشرّفة.
هذه المبادرة الخطيرة، أرادها المنظّمون «اقتصاصاً» من صحيفة دنماركيّة نشرت قبل عام رسوماً كاريكاتوريّة مسيئة للمسلمين ونبيّهم! ونحن لا نفهم كيف يكون الردّ على العنصريّة بأخرى تشبهها وتعزّزها. كما لا نفهم العلاقة العجيبة بين خطأ أخلاقي ومهني وسياسي ارتكبته جريدة محددة في البلد الإسكندينافي البعيد، وبين واحدة من أفظع الجرائم التي شهدها القرن الماضي: أي المحرقة النازيّة التي أبادت ملايين البشر بسبب انتمائهم الديني أو السياسي أو العرقي أو الإثني أو الجنسي! وقد اكتشفنا أخيراً أن بين ضحايا الهولوكوست 1149 رجلاً وامرأة من العرب والمسلمين، حسب دراسة للمستشرق الألماني غرهرت هوب، نشرت «دار قدمس» الدمشقية ترجمتها العربية أخيراً.
وزير الثقافة والإرشاد الإيراني محمد حسين صفار هرندي الذي سلّم الجائزة إلى درقاوي وزملائه من فرنسا والبرازيل وإيران، في غياب الثلاثة الأول، أعلن كالعادة أن «محرقة اليهود أسطورة». وهذا الخطاب السمج الذي نسمعه على لسان قلّة معزولة من المثقفين العرب، لا يخدم سوى المنطق الصهيوني، وفيه خيانة لمبادئنا وقضيتنا العادلة.
إن جائزة عبد الله درقاوي مغمّسة بالمهانة. ولعلّ وصمة العار تلطّخ كل المثقفين المغاربة والعرب. لذا نطالبه اليوم بأن يرفضها، وبأن يعتذر عن مشاركته، غير المسؤولة، في تلك المسابقة التحريضية. كيف يعقل أن يكون المرء لاسامياً، ويسخر من ضحايا الـ«شوها»، ويزوّر التاريخ... كي يقاوم إسرائيل ويواجه جرائمها؟