عبد الغني طليس
وديع الصافي جزء حقيقي من لبنان الأغنية، لكنه لا يمكن ان يكون جزءاً من «هيدا لبنان»، الأغنية التي تعرض حالياً على بعض الشاشات، ويؤديها الصافي مع المغنية رويدا عطية.
«هيدا لبنان» ليس لبنان وديع الصافي في النص ولا في اللحن. النص الذي كتبه سمير نخلة، تكرار لكلام قديم سمعناه عشرات المرات، ولم يعد اعتماده صالحاً اليوم على سوء ما يقدم وطنياً وعاطفياً. واللحن الذي وضعه جورج الصافي، هو جمل لحنية من الذاكرة، تستعيد نفسها بعد ملل.
حتى الأداء، لا يعكس انسجاماً بين صوتين، أحدهما لفنان عاشر أجيالاً من النجاح واستمر قوياً، والآخر لمغنية شابة ما زالت ضائعة في شخصيتها الغنائية. والنتيجة:
أغنية «قديمة» جداً على رغم حداثة «سنّها»، وفيديو كليب مركب من مشاهد ولقطات لا يجمع بينها إلا وجود الصافي وعطية في مكان واحد، والكاميرا، من دون «ستوري بورد» أو سيناريو أو ما شابه!
قد تكون الفكرة «لمعت» في ذهن جورج الصافي، فعرضها على والده الذي لا بدّ من انه يرحّب بما يدفع بابنه الى حرفة التلحين. حرفة حاول منذ سنوات امتهانها، لكنه لم يتمكن من الاستقرار فيها لضعف في إمكاناته وموهبته، على رغم ما له من معرفة جيدة بالموسيقى والألحان بسبب مرافقته والده ردحاً من الزمن.
الفكرة «لمعت» أيضاً عند رويدا عطية التي ربما كانت تتمنى لقاء يجمعها غنائياً بوديع الصافي، فتلقّفت العرض الذي أتاها في مرحلة تشهد خلافات بينها وبين شركة «الشمس»، المتنجة لأعمالها. فاعتبرت اللقاء تعويضاً من نجاح كانت تشتهيه، ولم تحصل عليه من الشركة.
هكذا تشكلت عناصر أغنية «هيدا لبنان»: المغنيان والملحن، والكلام الذي أعطاه سمير نخلة الى جورج الصافي قبل وقت... فإلى الاستديو، ثم الفيديو كليب، ثم العرض، ثم رد الفعل البارد الذي أخذ من رصيد الصافي الكبير، ولم يضف شيئاً الى رصيد رويدا، ولم يقدم جورج الصافي ملحناً، أو يعطي اسم نخلة شيئاً جديداً!
هناك مشكلة أخرى في أغنية «هيدا لبنان» هي ان رويدا عطية حاولت تقليد صوت المغنية الكبيرة رويدا عطيةصباح. كأن رويدا لا تثق بقدرتها الصوتية المتميزة حقاً، ولا تعرف طريقاً الى تكوين شخصية غنائية خاصة يمكن ان تكونها ببعض الدراية والذكاء نظراً الى موهبتها الواضحة، فتلجأ عند تسجيل أغانيها الى تقليد فنانات معينات. تبرز حيناً في صوتها شخصية المغنية نجوى كرم إذا ما أنشدت باللهجة اللبنانية، وتبرز أحياناً أخرى صورة المغنية وردة الجزائرية عند الغناء باللهجة المصرية. وها هي شخصية صباح تبرز في أدائها مع وديع الصافي... إنها الخشية من البحث عن الذات، ترمي بها عند الأخريات، وهي على ما يبدو مسرورة بذلك!
«هيدا لبنان بلد الناس الأطايب، هيدا لبنان وقلبي بغرامو دايب» يقول مطلع الأغنية. فهل «هيدا لبنان» تؤرخ لتعب وديع الصافي؟ تعب العمر. على رغم نقاء الصوت، بدا شاحباً. وليس وديع الصافي من يشحب، أو أقله لسنا لنقبل به كذلك.