بيار أبي صعب
آه منك يا فيروز. ماذا جئت تفعلين هنا في هذا الظرف العصيب؟ من الذي أتى بك الليلة إلى الـ Biel؟
لحظة كتابة هذه السطور لا نعرف أصلاً إذا كنت ستأتين، وإذا كانت مسرحية “صح النوم” ستمثّل كما كان مقرراً. زياد أكّد بالأمس أن إنزالاً إسرائيلياً وحده من شأنه أن يعطل العرض. لكن ماذا لو حصل إنزال آخر، على شاكلته؟ إنزال من درج بكركي مثلاً، تقوم به ثكالى 14 آذار بقيادة السيدة جويس الجميل. “كل مسيحي بينزل الى الشارع بيكون عم يحفر قبر لبنان”، قالت السيدة التي لم تجفّ دموعها. نوع جديد من التكفير والتخوين والابتزاز العاطفي، والمتاجرة بدم الشهداء وبالصرح البطريركي، بل بالدين نفسه، لمآرب سياسية...
كنّا نعتقد أن الدين لله والوطن للجميع، وأن كل مواطن حرّ في اختيار ما يمليه عليه ضميره. وأن لا فرق بين لبناني وآخر، كما في قسَم جبران التويني. نفكّر هنا بجماعة “أمام 05” التي أعلنت حرباً ذكية ومشرّفة على سرطان المذهبية والطائفيّة البغيض: ترى ما رأيها في هذا النوع من السلوك السياسي؟ أنا سأنزل الى الشارع اليوم، أسأل الناس عن دينهم، لأحصي عدد حفّاري القبور.
أما السيدة، فماذا جاءت تفعل هنا؟ جاءت تذكّرنا بلبنان، وطن الأوبريت الجميل الذي أمضت عمراً تقنعنا به، منحته صوتها، أسطورتها. كثيرون منا صدّقوا طويلاً. ثم فضحوا اللعبة، اكتشفوا الحقيقة على حسابهم. وها نحن نستسلم مجدداً للخدر الرحباني اللذيذ... لوين يا فيروز؟ لا أعرف إذا كنتِ الليلة ستقدمين المسرحية الملعونة، من كثرة ما عاكستها رياح التاريخ: من موت عبد الناصر في 1970، الى الطائرات الإسرائيلية في تموز 2006. أعرف أن المسرح الرحباني من أساسه أصل البلاء. هذا الوطن الكذبة الذي يتصالح أهله كل مرّة في نهاية العرض، ألا يمكن أن تخلّصونا منه ونستريح؟