نور خالد
كان ذلك منذ خمس سنوات: الممثلة المصرية زيزي البدراوي ضيفة زاهي وهبي في برنامج “خليك في البيت”. سألها الإعلامي اللبناني آنذاك عن تضحيتها بالأمومة من أجل الفن. بكت البدراوي كثيراً. قالت إنها ستفعل الشيء نفسه لو عاد بها الزمن إلى الوراء، “عشقت الفن أكثر من أي شيء آخر”. انطبعت تلك العبارة في أذهان كثيرين من المشاهدين. كانت صورة الفنانة التي لم تحصل على النجومية المطلقة والتي خسرت فرصة تأسيس عائلة، كفيلة بأن تجعلها عالقة في ذاكرة محبيها.
اليوم، لا تزال زيزي تمثل. تلعب دوراً أساسياً في مسلسل نور الشريف “حضرة المتهم أبي”. لكنها حاضرة في عمل آخر، هو “السندريلا”. زيزي البدراوي لا تمثّل في ذلك العمل، لكن الكاتب جمال العدل تحدث عنها خلال سرد أحداث تصوير فيلم “البنات والصيف”. لا يزوّر المسلسل التاريخ. الجميع يريد سعاد بطلة تقف أمام عبد الحليم. إلا أن السندريلا تريد أن تكون أخته، لأن “البطلة شريرة وخائنة”. حسني لا تريد أن تكون الشريرة، فيقرر الجميع إسناد الدور الى زيزي البدراوي (تؤدي دورها ممثلة مغمورة). هل نقول إنها تورطت بقبول الدور؟ بالتأكيد لا، فأي ممثلة ناضجة كانت لتقبل بأداء دور حبيبة حليمفي تلك الفترة، كانت زيزي سبقت سعاد الى عالمي التمثيل والنجومية. احترافها جعلها تقبل الدور غير آبهة لحكم الجمهور الذي يتعاطف كثيراً مع عبد الحليم. لكن سعاد حسني خضعت لمشيئة الجمهور التي ظنت انه لن يتقبلها إن خلعت ثوب الفتاة البريئة. هناك سبب آخر: سعاد تحبّ حليم في الواقع، ولا تريد، كما المراهقات، أن تغضب حبيبها، حتى على الشاشة. اذاً، عكس خيار زيزي حرفيتها التمثيلية بينما عكس خيار سعاد ضعف تجربتها. لكن المسلسل، ولسبب مجهول، قرر ان يقدم زيزي البدراوي بصورة أخرى. هي ممثلة غيورة وحاقدة، تنتظر من المخرج فطين عبد الوهاب اعترافاً بقلة موهبة سعاد، فإذا به يغيظها عبر الإشادة بموهبة سعاد حسني الفذة. كأن البدراوي تفتقد الى الموهبة لأنها افتقدت الى الحظ، وعاكستها الظروف لكي تحتفظ طوال الوقت بلقب النجمة.
هل كانت سعاد حسني (الحقيقية) سترضى بتشويه صورة زميلتها، لكي تحقق نصراً لصورتها الشخصية. غالب الظن أن البدراوي، كما شخصيات أخرى تحدث عنها المسلسل (نجاة وزبيدة ثروت..) غاضبة بسبب الاستسهال الساذج في التحدث عنها، في مشاهد معدودة. ظهر هؤلاء في شكل سطحي يفتقد الى العمق. ونسي صنّاع المسلسل الذي يعرض عند العاشرة مساء على شاشة “إل بي سي” أن للبدراوي تاريخاً وكبرياءً لا يمكن التضحية بهما لمصلحة حبكة درامية. عشاق سعاد حسني انتظروا المسلسل، كذلك عشاق نجاة الصغيرة وزيزي البدراوي وزبيدة ثروت، لكن صناع المسلسل تجاهلوا ذلك.