خالد صاغيّة
تستمرّ كرنفالات اليوم العالميّ لمكافحة الفقر. وتستمرّ المنظّمات الماليّة والسياسيّة الدوليّة في التعاطي مع الفقراء، كما لو أنّهم مصابون بداء «الأبو كعب». يكفي مرور الزمن لشفائهم من مصابهم، خصوصاً إذا ما وزّعنا على أطفالهم لقاحاً مضادّاً للفقر. أمّا الحياة والسياسات ففي إمكانها، هي الأخرى، أن تبقى وتستمرّ على حالها، من دون تغيير.
وفي كلّ سنة يطلّ فيها هذا اليوم العالميّ، تبدأ الإحصاءات بالظهور العلنيّ، قبل العودة إلى الاختفاء سريعاً. إليكم هذا الرقم مثلاً: في هذا العالم، الآن وهنا، يموت ستّة ملايين طفل من الجوع سنوياً. وفي هذا العالم، ورغم الجهود الجبّارة لـ«مكافحة الفقر» التي يبذلها القيّمون على هذا العالم، لا يزال 852 مليون إنسان يعانون الجوع، بارتفاع قدره 28 مليوناً عن عام 1990.
لا يكفّ القيّمون على مكافحة الفقر، وعلى رأسهم البنك الدولي، عن شعورهم بالدهشة. فلسبب لم يُكتشَف بعد، يزداد الفقر بدلاً من أن ينقص. وطبعاً، يبدي البنك وأخواته استعداداً لمناقشة كلّ ما يمكن أن يؤثّر في الفقر، باستثناء العمليّات الطبقيّة التي تنتجه.
أمّا الأمم المتّحدة، فلم يمنعها ارتفاع عدد الفقراء من التعبير عن سعادتها لارتفاع عدد... المحتجّين على الفقر. وينضح بيانها الأخير سروراً لكونها استطاعت أن تدخل موسوعة غينيس لتحقيقها رقماً قياسيّاً، إذ «سجّلت مشاركة 23 مليوناً و542614 شخصاً في 11646 وقفة احتجاج في جميع انحاء العالم هذا الأسبوع».