خالد صاغيّة
الرجاء ألا يزعج أحد منكم الحكومة. ففي الدول الحديثة، لا أحد يزعج الحكومة.
في الدول الحديثة، لا يحتجّ المواطنون، ولا يعترضون، ولا يتظاهرون. فهذه كلّها من أساليب التخلّف والعداء للحضارة الإنسانيّة. وفي الدول الحديثة، المواطن مُهَفْهَف منظّف «إلو تم ياكل وما إلو تم يحكي». وفي الدول الحديثة، الناس يحترمون إشارات السير، حتّى إنّه لا حاجة إلى البوليس على الإشارات. لا محاضر ضبط ولا محاكم. الجسم القضائي برمّته تمّ إلغاؤه في الدول الحديثة لأنّ لا مجرمين ولا نهب ولا اغتصاب ولا قتل ولا نزاعات قانونيّة. الكلّ تحت سقف القانون، و«كلّو ماشي متل الساعة».
الرجاء ألا يزعج أحد منكم الحكومة. ففي الدول الحديثة، لا أحد يزعج الحكومة.
في الدول الحديثة، الفقراء يقتاتون من موائد الأغنياء بفرح. يعيشون بهجة المواطنيّة الجامعة. وفي الدول الحديثة، لا تسقط حكومات، ولا تُحَلّ مجالس نيابيّة، ولا تجري انتخابات مبكرة مهما بلغت الأزمات. في الدول الحديثة، لا يعادون أعداءهم، ولا يحاربون المعتدين عليهم لأنّهم يعرفون، بعكسنا نحن الجهلة والمتخلّفين، أنّ الحروب تخلّف دماراً وضحايا، وتُفقَد خلالها الكماليّات من الأسواق.
الرجاء ألا يزعج أحد منكم الحكومة. ففي الدول الحديثة، لا أحد يزعج الحكومة.
في الدول الحديثة، يسير المواطن مطأطأ الرأس. يذهب إلى عمله في الصباح. يعود من عمله في المساء. يفتح جهاز التلفزيون. يشكر ربّه على نعمه، وينام.