بيار أبي صعب
في دمشق اقتيد أمس سينمائي الى التحقيق... بتهمة “تشويه الواقع” في بلاده، من خلال فيلم طبعاً. التهمة ننقلها عن موقع إلكتروني قريب من المصادر الرسمية، في غياب أي بيان أو تقرير أو توضيح صادر عن مرجع قانوني حتى لحظة كتابة هذه السطور. وفي اسطنبول اليوم، تقف كاتبة في قفص الاتهام، لأنها قامت بـ“شتم القومية التركية”.
غريب أمر هذا الواقع وتلك القومية. لماذا تراهما في حاجة دائمة الى حماية؟ الأمن يرد عن “الواقع” خطر التشويه، والقضاء يغسل الشتيمة عن “القومية” المستهدفة. ثم لماذا يرتكب كل هؤلاء فعل الخيانة؟ خيانة الوطن طبعاً، كي لا نقول تدنيس المقدسات. أليس لدى الفنانين والكتّاب تسلية أخرى غير إزعاج المحققين والقضاة؟ لماذا لا يأتي الخونة من صفوف أصحاب المصارف مثلاً؟
في الحقيقة، لم تقل الكاتبة التركية شيئاً. لقد سمحت لإحدى شخصياتها بأن تعبّر عن نفسها بحرية. لا بد من اقتياد تلك الشخصية الى المحكمة إذاً. ولا بد من التحقيق، ليس مع المخرج السوري، بل مع الأشخاص الذين أعطاهم الكلمة في فيلمه: رئيس البلدية والنائب وأستاذ المدرسة والتلميذ النجيب.
عمر أميرالاي شاهد على الانهيار العظيم، السياسي والحضاري والأخلاقي. فأي قانون في العالم، يلزمه بأن يشيح بوجهه عن هذا الواقع؟ أما أليف شفق، فتعرف ــ مثل أوهان باموك وياشار كمال ـــ أن تركيا تكبر إذا اعترفت بمسؤوليتها عن المجازر التي ارتكبت يوماً بحق الشعب الأرمني. كلاهما يحاول على طريقته أن يردّ عن المنطقة كابوس المجازر المقبلة.