فرح داغر
في الآونة الأخيرة، شكّلت روايات عربية وعالمية صدمة للقارئ، إما بسبب مواضيعها وإما بسبب مبيعاتها المرتفعة. ومن بين هذه الروايات “بنات الرياض” للسعودية رجاء الصانع، و“شيفرة دافنشي” للأميركي دان براون، و“عمارة يعقوبيان” للمصري علاء الأسواني.
تصدّرت “بنات الرياض” المركز الأول بين الروايات المئة الأكثر مبيعاً في عام 2005، وحققت حضوراً منقطع النظير في العالم العربي. أما رواية “شيفرة دافنشي” فتُرجمت الى خمسين لغة وطبع منها أكثر من ثمانية ملايين نسخة. ومذ أصدر الروائي نجيب محفوظ “قشتمر” عام 1987، لم تحظ أي رواية مصرية بنسبة قراءة مماثلة باستثناء “عمارة يعقوبيان” لعلاء الأسواني التي صدرت عام 2000. وواقع الأمر أنّ الروايات الثلاث شكّلت صدمة في النسيج الثقافي والاجتماعي بتطرّقها الى الثالوث المحرّم (الدين والجنس والسياسة).
رجاء الصانع دشّنت في “بنات الرياض” لكتابة نسوية خارجة على تقاليد الكتابة، وكانت علامة لولادة روايات نسائية في السعودية، كُتب معظمها بأسماء مستعارة وتناولت المحرّمات والمسكوت عنه في المجتمع. على أنّ كاتبة “بنات الرياض” عمدت إلى تحطيم القوالب الروائية الجاهزة، معبّرةً مباشرةً عن طموحات جيل ذي ثقافة مختلفة معتمدة على ثورة الإنترنت. “بنات الرياض” تحكي تجربة أربع مراهقات من الرياض وعلاقاتهن بالجنس الآخر، نجاحاتهن وفشلهن، وضغط المجتمع عليهن. لا تصوّر صاحبة “بنات الرياض” المحرّم فحسب بل تغوص عميقاً فيه وتشرّحه.
“شيفرة دافنشي” الممنوعة في معظم الدول العربية تتصوّر مسارات جديدة لقصة المسيح وخصوصاً لوحة “العشاء الأخير”، تتعارض مع المعتقدات السائدة. من هنا ردود الفعل العنيفة عليها من المؤسسة الدينية.
أما “عمارة يعقوبيان” فتتعرّض للعلاقات المثلية، وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ الرواية العربية. وفي السياسة تهاجم الفساد واحتكار السلطة، وتتعرّض للتطرّف.
الروايات المثيرة للجدل تسيل حبراً كثيراً، ونقاشات محتدمة، وتتعدّد الآراء بشأنها، وتصدر فتاوى كثيرة ضدها مثلما كانت الحال مع الروايات المذكورة التي أحدثت جدلاً لم يتوقّف حتى اليوم.
ترى لو كانت كاتبة لبنانية أصدرت “بنات الرياض”، هل كانت قد أحدثت كل هذا الجدل؟ علماً بأن حنان الشيخ تطرّقت بجرأة الى المحظورات نفسها، وفي مسرح مماثل هو الخليج؟ السؤال نفسه ينطبق على “عمارة يعقوبيان” التي تذهب الى الواقع مباشرة من دون الغرق في الترميز، وهذا الأمر أحدث صدمة في واقع الرواية المصرية التي ترزح تحت سطوة المحظورات. أما فكرة براون فموضوع آخر يعيدنا الى السؤال عن الخيال الأدبي ومداه، وخصوصاً عندما يطاول الرموز المقدسة.