واشنطن ــ طارق منصور
ازداد اهتمام الإعلام الاميركي بحزب الله مع تصاعد وتيرة الهجوم الاسرائيلي على لبنان. منذ اليوم الاول للحرب، تحدث الإعلام الاميركي عن اسرائيل كضحية تحاول الدفاع عن أرضها ضد منظمة إرهابية تديرها إيران. لكن تحولات طرأت على تقارير المراسلين الاميركيين، فراحت تنساق مرغمةً الى الاقرار بقدرات الحزب القتالية، بنبرة لا تخلو من الاعجاب والتهويل في آن.
في البداية، كانت رسالة وسائل الإعلام الأميركية واضحة: حزب الله تنظيم ارهابي اعتدى على اسرائيل وبادر الى قصف شمالها بترسانته الصاروخية الآتية من ايران وسوريا. إزاء هذا الواقع، تكونت لدى الرأي العام الاميركي معادلة الحزب الارهابي المعتدي، مقابل اسرائيل الحليفة التي تمتلك حق الدفاع عن النفس.
ولتدعيم الصورة، انتقلت التغطية الاعلامية الى مستوى ثان: سعي الى تعزيز صفة الارهاب الملصقة بالحزب باستحضار حدث مضى عليه اكثر من ربع قرن. هكذا، عمدت قناة “سي.أن.أن” الى إنتاج فيلم وثائقي حمل عنوان “ تفجير ثكنة المارينز في بيروت عام 1983” عرضته في التاسع والعشرين من تموز الماضي.
يخلص الفيلم الى تحميل حزب الله مسؤولية الهجوم الذي اودى بحياة مئتين وواحد واربعين عنصراً من المارينز في بيروت، وأجبر القوات الاميركية على الانسحاب من لبنان.
واذا كانت الرسالة المباشرة التي حملها الفيلم الوثائقي هي أن الحزب عدو مشترك للشعبين الاسرائيلي والاميركي، فإنه حمل في طياته رسالة اخرى تحذّر من التورط في المستنقع اللبناني وإرسال قوات أميركية كجزء من القوات الدولية في جنوب لبنان.
ثم جاء إخفاق الجيش الاسرائيلي في مارون الراس وبنت جبيل. وتوالت التقارير عن قدرات الحزب العسكرية، معززة بشهادات الجنود الاسرائيليين العائدين من جبهة الجنوب. وخصت صحيفتا “واشنطن بوست” و“نيويورك تايمز” حزب الله بتقريرين على الصفحة الاولى. كتبت الأولى عن “مواجهة الجنود الاسرائيليين لعدوّ عنيد”، فيما اعترفت الثانية: “الجنود الإسرئيليون يتحدثون عن عدو شرس ومنظم ومراوغ الى حد مفاجئ”.
ويطرح الاعلام الاميركي اليوم سؤالاً: ماذا إذا قرر حزب الله ضرب اهداف داخل الولايات المتحدة وخارجها؟
وتحت عنوان “رجال نصر الله داخل اميركا” نشرت “نيوزويك” في عددها الأخير تقريراً عن اللبناني عماد حمود وشبكته المفترضة. وفيه أن “حزب الله” قادر على ضرب اهداف داخل اميركا. إلا ان قراراً في هذا الشأن لم يتخذ بعد، وقد يصبح ساري المفعول اذا ما ضيقت واشنطن الخناق على طهران في الملف النووي.
ويجد التهويل الاعلامي مرجعيته أيضاً في كتابات خبراء مراكز الابحاث الذين انبروا بدورهم للتحريض على الحزب. ومن الأمثلة على ذلك مقالة نشرها معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى الشهر الماضي كتبها الباحثان باراك بن زور وكريستوفر هاملتون تحت عنوان “خيار الارهاب الدولي لدى حزب الله”. وحذّر الباحثان من لجوء الحزب الى ضرب اهداف اميركية او مصالح اسرائيلية في العالم. واستندا في تحذيرهما إلى هجمات ينسبانها الى الحزب في كل من السعودية والكويت والبحرين والإمارات!