لم تعد أرقام شركات الإحصاء في لبنان، تهمّ المتابعين/ ات لحمّى الدراما الرمضانية هذا العام، كما في السنوات السابقة... إذا ما وضعنا جانباً، صدقية ودقة عمل هذه الشركات، وقدرتها على التعبير عن الإتجاه الفعلي للأعمال الناجحة جماهيرياً، كنكتة تصدّر «كل الحب كل الغرام» (تأليف مروان العبد - إخراج إيلي حبيب)، على lbci، المراتب الأولى بين المحطات المحلية رمضانياً. العمل الذي ما زال يتعرض لإنتقادات بالجملة، لم تستطع هذه الشركات وغيرها إقناع جمهور كامل بأنه استطاع الإستحواذ لأسبوعين متتاليين في شهر الصوم، على الحصة الدرامية الرمضانية. الإغفال الواضح حالياً لأرقام الإحصاء، وحتى إدارة الظهر لها، ليس وليد بلادة أو نقص في المتابعة، بل من يقرأ المشهد بدقة، يمكنه إلتقاط سريعاً أنّ شيئاً ما قد تغيّر في أمزجة الجمهور، وأدوات تعبيره. فقد فرضت المنصات الإفتراضية هذا العام سطوتها أكثر من أي وقت مضى. بات أغلب المتابعين/ات أسرى الشبكات الإجتماعية، والإلكترونية على رأسهم موقع «يوتيوب» الذي بات ملجأ العديد منهم، للمشاهدة والإختيار. أمر دفع بعض القنوات الى إلزامهم بالدخول الى مواقعها الإلكترونية الخاصة بها، بغية تسجيل حضورهم، ومشاهدة الحلقات، بعد تغييبها عن «يوتيوب» (وعن المشاهدة المجانية)، للإستحصال على مزيد من الأرباح المادية عبر الإعلانات.وبعيداً عن لعبة القنوات/ الجمهور، في رمضان، وقريباً من لعبة السوشال ميديا، بزرت هذا الموسم أيضاً، وضمن المنافسة الشرسة بين الأعمال الرمضانية، ظاهرة الجيوش الإلكترونية الوهمية على تويتر، أو ما يعرف بالروبوتات الآلية، التي تتحرك تلقائياً على تويتر تحديداً، بغية الترويج لمواقف أو لأفكار، وإشاعة لدى المتابعين، أنّ هناك رأياً عاماً معارضاً أو مؤيداً لها، وعدده كبير نسبياً، مما يلزم هؤلاء بأن ينضموا بشكل أعمى الى هذه «الأغلبية» الخادعة واقعاً. قد تكمن الخطورة أكثر، في هذا المجال، ضمن ميدان السياسة والتلاعب بالرأي العام، ولعلّ أهم فصولها ما حصل في الإنتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وظهور ملايين التغريدات والرسائل لصالح كل منهما في حملته الإنتخابية. وبوتيرة أقل، قد يقع الضرر، في مجال آخر: السباق الدرامي. شهدنا العديد من النجوم الذين يتنافسون في ما بينهم في المسلسلات الدرامية، يستخدمون جيوشاً من الحسابات الوهمية، بغية الترويج لأعمالهم، وإيهام الجمهور بأنها تلقى إستحساناً ومتابعة عالية. حسابات يستطيع المتصفح بسهولة إكتشافها، وهي غالباً ما تحمل في إسمها وصورها الفوتوغرافية، إسم وصورة النجم أو النجمة، والشخصية التي يؤدّيها في العمل الرمضاني. مهمة هذه الحسابات لا تنحصر في الترويج ونشر الفيديوات القصيرة التي تتضمن مشاهد من العمل، بل الرد وبكثافة (تبعاً لحجم ميزانية النجم/ة يتضخم عدد الحسابات)، على المنتقدين/ات أو النقاد الصحافيين/ات. يشكل هؤلاء جيشاً حقيقياً، يضع نصب أعينه المهاجمين، ونضحي بالتالي أمام مشهد خادع آخر للرأي العام، يتمثل في التشكيك بصدقية ومهنية النقاد، والوقوع في فخ التلاعب الذي ينصبه النجوم لهم.