تونس | علّق الأمين النهدي قبل ثلاثة أيام إضرابه عن الطعام بعدما اتّفق مع «مؤسسة التلفزة التونسية» على تحويل مسلسله الكوميدي «المفتش خليفة» إلى شريط تلفزيوني ستنتجه «القناة الأولى»، ويعرض في رمضان المقبل. وكان هذا الاتفاق قد أثار حفيظة بعض الإعلاميين والفنانين، الذين انتقدوا النهدي، وخصوصاً أنه أسند مهمة الإخراج فيه إلى ابنه محمد علي، على أن يشاركه البطولة ابنه الثاني وليد، وابن أخيه رياض.
لكن ما هي تفاصيل هذه القضية التي شغلت الوسط الفني التونسي في الأيام الأخيرة؟ في إطار استعدادات «مؤسسة التلفزة التونسية» لتنفيذ العمل الدرامي الرئيسي لشهر رمضان المقبل، وافقت لجنة قراءة الأعمال الدرامية التلفزية (أنشئت قبل شهرَين) على عمل درامي وحيد من أصل تسعة مقدمة. والمسلسل هو «أبناء الكاباس» من تأليف الروائي عبد القادر بالحاج نصر. يمتد العمل على 19 حلقة، ويروي معاناة العاطلين من العمل من حاملي الشهادات العليا في الفترة الأخيرة من حكم زين العابدين بن علي. أما الأعمال الثمانية الأخرى، فقد رفضتها اللجنة، ومن بينها سلسلة «المفتش خليفة l’inspecteur Khalifa» للكوميدي الأمين النهدي. وقد أثار هذا الخيار حفيظة النهدي، الملقب بـ«ملك الكوميديا» في تونس. هكذا دخل في إضراب عن الطعام منذ الثالث عشر من الشهر الحالي، احتجاجاً على رفض مشروعه الدرامي. وهو المشورع الذي رأت لجنة قراءة الأعمال الدرامية التلفزية أنه بسيط في تناوله، ويطرح القضايا بطريقة وصفوها بـ«الساذجة»، وفيها «الكثير من التمطيط الممل»، كما جاء في تقرير لجنة القراءة، الذي نُشرت مقتطفات منه ضمن بلاغ صادر عن «خلية الاتصال» في «مؤسسة التلفزة التونسية». وجاء في التقرير نفسه أن «سيناريو «المفتش خليفة» عبارة عن جملة من المواقف غير المضحكة تجاوزها الزمن... لن تضيف شيئاً سواء جرت برمجته في شهر رمضان أو خارجه». وهذا المسلسل الكوميدي هو عبارة عن سلسلة بوليسية تستمد روحها من السلسلة الجزائرية الشهيرة «المفتش الطاهر» للمخرج والممثل والمؤلف حاج عبد الرحمان (1940 ـــــ 1981). وهي السلسلة التي استوحى منها أيضاً المخرج الجزائري موسى حداد فيلمه الشهير «عطلة المفتش الطاهر» (1972) الذي صور عدداً من مشاهده في تونس وشارك في تمثيله، إلى جانب الحاج عبد الرحمان، كل من الممثلة التونسية الراحلة الزهرة فايزة، والممثل التونسي الراحل حطاب بن علي. وكان الأمين النهدي قد صرّح لوسائل الإعلام بأن عمله أُنجز قبل ثلاث سنوات، وسبق أن قدمه كفكرة قبل ست سنوات «إلا أن إدارة التلفزة آنذاك عدّت مضمون السلسلة من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها». ويضيف النهدي إن الإدارة الحالية هي التي اتصلت به، ممثّلة في مديرها العام مختار الرصاع، وطلبت منه إنجاز السلسلة لفائدة المؤسسة، نظراً إلى طرافتها وشهرتها من ناحية، ولغياب الأمين النهدي عن الشاشة الصغيرة فترة طويلة من ناحية ثانية. غير أن الإدراة عدلت عن قبول هذا المشروع في الأخير، فكان جواب الكوميدي الأمين النهدي الدخول في إضراب عن الطعام، هو الذي يعاني أزمة قلبية. إلا أن تجاوب «مؤسسة التلفزة التونسية» مع مشروعه أخيراً دفعه إلى إيقاف تحرّكه الاحتجاجي. وبعد «انفراج» هذه الأزمة يبقى السؤال: ما هي الأسس التي تعتمدها الإدارة الجديدة لـ«التلفزيون التونسي» لاختيار الأعمال الدرامية التي تتبناها وتعرض على شاشتها؟