تونس | أعلنت مجموعة من النشطاء في تونس، من بينهم عبد الستار بن موسى، والعياشي الهمّامي، وعمر الصفراوي، وأنور الباصي، وعلاء الطالبي، وشرف الدين القلّيل عن انضمامهم إلى الإضراب الذي يخوضه منذ أسبوعين الناشط في مُدوّنة «نواة» الإعلامي رمزي بالطّيبي. وجاء هذا الإضراب الجماعي عن الطعام ضمن حملة تضامنية واسعة مع «نواة» أُطلقت عليها تسمية «خذ الكاميرا، وهات الحقيقة»، وتحظى بتأييد واسع لدى نشطاء الحراك الشبابي التونسي. علماً أنّ مدونة «نواة» تأسست عام 2004، وأسهمت خلال الثورة التونسية في إسقاط نظام بن علي.
وكان المدون رمزي بالطّيبي قد أعلن الإضراب عن الطعام بعد مصادرة السلطات العسكرية كاميراته، لمنعه من تغطية المحاكمات العسكرية المتعلقة بالمتورطين في مقتل شهداء الثورة التونسية من عناصر الجيش والأمن. ويقول: «كنت أصوّر المحاكمة المتعلقة بقضيّة «شهداء تالة والقصرين» في ولاية الكاف، وصادر اثنان من عناصر الشرطة العسكرية كاميرتين من عتاد التصوير الذي كان معنا بحجة أنّني لستُ صحافياً بل مدوّن. وبالتالي لا يسمح لي سوى بتصوير ثلاث دقائق من المحاكمة». ويضيف: «بعد انتهاء المحاكمة، رفضت السلطات العسكرية إعادة المعدات، فأعلنت الإضراب عن الطعام في مقر «نواة» منذ 25 أيار (مايو) الماضي، ولن أوقف الإضراب ما لم تُعد إلينا كاميراتنا».
وسرعان ما تحوّل الإضراب إلى حراك واسع حمل تسمية «خذ الكاميرا، وهات الحقيقة» وهدف إلى مطالبة السلطات العسكرية بوقف التضييق على الإعلاميين والمدونين، والتزام الشفافية في ما يتعلق بقضايا شهداء الثورة التونسية المطروحة على القضاء العسكري. يقول رمزي بالطيبي: «بعد أيّام على شروعي في الإضراب عن الطعام، انتشرت حملات التضامن معي سامحةً لهذه الحركة بالتحوّل من مبادرة شخصية إلى حركة مطلبية أكثر شمولية وموضوعية بفضل انضمام نشطاء المجتمع المدني والحراك الشبابي إلى «خذ الكاميرا». وقد شارك في إطلاقها بعض أبرز المدونين التونسيين، أمثال عزيز عمامي، ولينا بن مهني، وأمين مطيراوي، وياسين العياري المقيم في فرنسا، وهو ابن الشهيد طاهر العياري». لم تقتصر مطالب حملة «خذ الكاميرا، وهات الحقيقة» على احترام حرية عمل الإعلاميين والمدونين، بل طرحت مطالب سياسية وقانونية في مقدمتها «سحب قضايا قتلة شهداء الثورة التونسية من القضاء العسكري المشكوك في نزاهة تعاطيه مع هذا الملف، وتشكيل لجنة قضائيّة مستقلّة للنظر في هذه القضايا، وجعل جلسات المحاكمات علنية، والسماح للإعلام ببثها على الهواء».
حراك «خذ الكاميرا...» تعدّى تونس إلى خارجها، حيث أقيمت أخيراً وقفة احتجاجيّة في باريس، دعا إليها المدوّن ياسين العياري، وحضرها عشرات النشطاء التونسيين، كما أقيمت وقفة مماثلة في مونتريال. وكان لافتاً أنّ هذا الإضراب عن الطعام والحملة التضامنية المرافقة سمحا بفتح النقاش للمرة الأولى منذ قيام الثورة حول مصداقية المؤسّسة العسكرية ومدى صدقية ما تم الترويج له عن دور الجيش في حماية الثورة والوقوف إلى جانبها. علماً بأن مناطق ظلّ كثيرة ما زال مسكوتاً عنها أبرزها تورّط الجيش والأمن في ظاهرة «القنّاصة» الذين كانوا يتصيدون قادة الثورة من سطوح العمارات. وهي القضية التي تحاول حكومة «النهضة» منذ توليها الحكم، تفادي وصولها إلى المحاكم، خشية تأليب المؤسسة العسكرية ضد «الترويكا» الحاكمة. وبلغ الأمر حد الترويج بأن ظاهرة «القناصة» كانت مجرد إشاعة استعملت لترويع المتظاهرين!