لا وجود للديموقراطية وحريّة التعبير في رزنامة الغرب، والحديث عن عدم التدخل في سياسة الفضائيات لا يعدو كونه مجرّد شعارات لا تطبق على أرض الواقع، إلا بالصيغة التي تتوافق مع سياساته ومصالحه. هذا ما تؤكده ممارساته باستمرار واتباعه معايير مزدوجة في التعاطي مع وسائل الإعلام. الضحية هذه المرّة هي القنوات الإيرانيّة على القمر الأوروبي «هوتبيرد»، إذ أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً قضى بإيقاف بث 19 قناة للجمهوريّة الإسلاميّة، منها قناتا «العالم» وpress tv. ومنذ خروج هذا القرار، لم تتوقف ردود الفعل المنددة والرافضة للخطوة التي تأتي في سياق التضييق على الصوت الآخر. فقد أعرب إعلاميون وسياسيون عن تضامنهم مع القنوات الإيرانيّة، ورأوا أن «للقرار أبعاداً سياسيّة ويأتي بتأثير من الدوائر الصهيونية».
ورأت قناة «المنار» في رسالة وجهتها إلى رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين أنّ «هذه الخطوة تأتي لتكريس سياساتها في اعتماد المعايير المزدوجة، معربة عن استنكارها وإدانتها لهذا القرار الجائر». ويأتي إيقاف القنوات بعد شهرين فقط على خطوة مماثلة اتخذت في حق قناة «المقاومة والتحرير»، حين أغلقت الشركتان الأميركيتان apple وgoogle التطبيق الخاص بالمحطة. وأملت «المنار» في البيان أن «يشكل القرار حافزاً وفرصة لنا جميعاً لإيجاد سبل التحرّر من الأقمار الاصطناعيّة الحاليّة التي ثبت عدم احترامها لتعاقداتها التجاريّة، وعدم احترامها مبادئ الحريّة»، معتبرة أن «استهداف القنوات الإيرانية يأتي في سياق استهداف الإعلام المقاوم والممانع للهيمنة الأميركيّة... خدمة «لإسرائيل» ومصالحها». وأوضحت مديرة الأخبار في تلفزيون «الجديد» مريم البسام، في اتصال مع قناة «العالم»، أنّ هذا العمل هو قرصنة واعتداء على الحريّات، «ولأن الغرب لا يفهم هذا الكلام، يجب أن يؤخذ باللغة التي يفهمها، عبر اتباع الطريق القضائي»، معتبرة أن «هذا ما يحصّن الحقوق، وليس أن نخرج ببيانات إنشائيّة لا تقدم عندهم ولا تؤخر». وقال مدير الأخبار في nbn عباس ضاهر للقناة أيضاً إنّ «مجرد منع قناة «العالم» وأخواتها من البث، يعني أن الدول الأوروبيّة سقطت في اختبار الحرية. الحقيقة تصبح اليوم أقوى أمام زيف هذه الادعاءات». ورأى أن هذا المنع هو «نتيجة إفلاس أوروبي وغربي في التعامل مع إيران». كذلك استنكر القرار مجموعة كبيرة من الإعلاميين والهيئات والمؤسسات، منهم رئيس اتحاد الصحافيين في سوريا الياس مراد، وأمين سرّ «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» محمود مرعي، ورئيس الجبهة الوطنيّة الجزائريّة موسى تواتي، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين. وعلّق عضو المعهد الملكي للشؤون الدينيّة في بريطانيا عبدالله حمودة على القرار بالقول إنّ «من الضروري مواجهة الاتحاد الأوروبي، لأن وجهة النظر في الاعلام ليست مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني». كما استنكر «لقاء العلماء والدعاة» في شمال لبنان القرار، معتبراً إياه «امتداداً لسياسة الاستكبار التي ينتهجها الغرب، وباتت تطال كل المجال الحيوي والمعنوي لكل من يقف في وجه السياسات الغربية المتعجرفة، متجاهلين كل الأدبيات الإعلامية ومبادئ حرية الإعلام والصحافة».