في السماء ترتفع صور الزعيم السياسي. وعلى الأرض... جبل نفايات، دبابات عسكرية، وفقر يصعب وصفه. وسط هذا «الديكور»، تحاول شخصيات يمنى عيتاني أن يكون لها حياة. مسرح الأحداث ليس إلّا حي باب التبّانة (شمال لبنان). اختارت عيتاني أن تعطي بطولة فيلمها الأول إلى مراهقي ذلك الحي الفقير. المخرجة الآتية من مجال الأدب، قررت أن تحكي عن شباب هزّها وضعهم المأساوي. بتقنية وحرفية عاليتين، مشت عيتاني في طريق الفيلم الروائي القصير لتقدّم لنا نظرة شعريّة وواقعية في آن عن حياة أبطالها.كتبت المخرجة الشابة سيناريو الفيلم انطلاقاً من قصص واقعيّة رواها هؤلاء الشباب. ودعتهم إلى تمثيل شخصياتهم الحقيقية. يحكي «وشم بالعين» (إنتاج Darkside film& tv production وArab Film Foundation)، قصة ابراهيم (عمر ثلجة) ابن الـ17 الذي يعاني الفقر والعنف الأسري والتشرّد وإدمان المخدّرات... حاله حال جميع أصدقائه الذين نلتقيهم في هذا الشريط.
بعد تعرّضه للضرب من أبيه الذي يقيم مع زوجته التاسعة، هرب ابراهيم من البيت، ليتخذ من سيارة مهجورة منزله. بين الفينة والأخرى، يُقتاد إلى السجن، وخارج القضبان يجد نفسه عالقاً في دورة عنف مع «أبو قطنة»، وهو شاب في الـ18 يحاول ابتزاز ابراهيم مادياً بمبالغ زهيدة. لكن «أبو قطنة» ليس «الشرير» هنا. هو تماماً مثل ابراهيم، يعاني مشاكل اجتماعيّة عدة، لا يعرف لها حلّاً سوى العنف. لم تستخدم عيتاني ممثلين محترفين، بل لجأت إلى مراهقي باب التبّانة الذين مثّلوا قصصهم، وقد رافقتهم عن كثب الممثلة عايدة صبرا. هاجس عيتاني كان التعبير عن الواقع من داخله، وعلى لسان ناسه وضحاياه.
لكن التعامل معهم لم يكن بهذه السهولة أيضاً بما أنّهم كانوا عُرضة للاعتقال في أي لحظة. فبُعيد نهاية التصوير ألقي القبض على أربعة ممثلين، لا يزال أحدهم في السجن، بينما توفّي أحدهم في مطاردة مع الجيش. لدى مشاهدتهم الفيلم لأول مرّة، خجل الشبّان من واقعهم، لكنّهم واسوا أنفسهم بأنّ صوتهم سيصل إلى الزعماء السياسيين أخيراً. فهل من يسمع النداء؟

21:45 مساء اليوم، تطلّ يمنى عيتاني وأبطال الفيلم مع زافين على شاشة «المستقبل»، في «سيرة وانفتحت»
يعرض «وشم بالعين» حاليّاً في صالات «أمبير» (للاستعلام: 1269)