هي فطرة إنسانية تدفعنا كي نحقّق بعضاً من فرديتنا... في أثر ملموس. حتى قبل أن تكون الكتابة وتكون اللغات، كان الأثر على جدران الكهوف للإنسان الأول محاولة إنسانية كي يقول شيئاً ينقله من عالم لا محسوس إلى الحيز المادي.
لكل منا علامته التجارية. نعم. علامته الخاصة. حتى دون أن يدرك ذلك. من فرادة البصمة المعرّفة عن كل منا، إلى التفنن في رسم التوقيع الخاص بعد أن نكون قد تعلّمنا أسس الكتابة الأولية، وصولاً إلى الشعار العابر للأماكن والأزمان والذي يأسر النفوس ويتملكها حد الاستعداد للموت من أجلها أحياناً.
لا يمكن أن تتصور عالم اليوم من دون شعار يعرّف عن كيان ما أو منتج أو خدمة. في عصرنا هذا تحتل العلامات التجارية حيزاً كبيراً من اهتمام الشركات والمؤسّسات والأفراد والعملاء على السواء، ويزداد هذا الاهتمام مع ازدياد معدلات الإنفاق وتعدد مظاهر الاستهلاك بمختلف أشكاله.
تقوم العلامة التجارية أو الصورة البصرية على أسس فنية كاملة كأي فن آخر وتكمن قوة تصميمها في ذلك الأثر الذي تتركه من رسوم أو كتابات أو ألوان. في الإدراك الواعي أو غير الواعي للمستهلك أو العميل. وقد يؤدي ذلك أحياناً إلى خلق علاقة عاطفية لا إرادية في تحقيق الولاء أو الانقياد وراء المنتج أو الشركة... وهنا يتعلق الأمر بالصورة والتجربة وما يتولد عنهما.
أن تعلم أنه في العالم اليوم هناك أكثر من 4.5 مليون من البراءات المسجلة السارية المفعول، إلى جانب أكثر من مليون من التصاميم الصناعية المسجلة، وأن بين كل 12 مشروعاً جديداً ينشأ في الولايات المتحدة الأميركية هناك مشروع «فرنشايز» سيعبر المحيطات ليستقر في تفاصيل حياتنا اليومية، فتلك أرقام ضخمة بالفعل.
أحوج ما نكون اليوم إلى علامة تجارية جديدة للبنان، تعيد تعريفه وفق معايير قادرة لإعادته إلى الخارطة الاقتصادية الإقليمية والعالمية. فكثير من العلامات التجارية اللبنانية اليوم بات خارج سياق الزمن، في المضمون قبل الشكل.