لم يكن غياب الرئيس المصري حسني مبارك عن افتتاح أعمال القمة العربية العادية الحادية والعشرين في الدوحة، أمس، الحدث الأبرز أو الوحيد، بل كان للرئيس السوداني عمر البشير حصّة الأسد من حيث الأهمية التي كلّله بها رؤساء الدول العربية المتضامنة معه. وبعيداً عن البشير، حدثٌ جللٌ طعّم أعمال القمّة التي وصفت بأنها قمة البشير والمصالحة العربية، تمثّل في لقاء مصالحة بين الزعيم الليبي معمر القذافي والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز. إلا أن هذه الأوراق الثلاث، رغم أهميتها، لم تلغِ تكرار الزعماء العرب لكلاسيكيات العمل العربي.وفي ظل هذه الأجواء التصالحية من جهة، والقلق الذي يفرضه غياب الرئيس المصري من جهة أخرى، وما يعكسه من توترات على صعيد العلاقات المصرية ـــــ القطرية، افتتح الرئيس السوري بشار الأسد أعمال القمة العربية بصفته رئيس الدورة السابقة، قبل أن يسلّم الرئاسة إلى أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني.
بعدها، أعطى الأمير القطري الكلام للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي قدّم تقريره السنوي الذي تطرق فيه إلى التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجه العالم العربي، قائلاً إن «مسار المصالحة العربية يرتبط بمواجهة المفاهيم السلبية للعلاقات العربية». وبعدما كان قد دعا إلى الحوار مع إيران، عاد ليحذّر من الإقدام على أيّ «برنامج نووي عسكري في المنطقة».
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في حضور الرئيس السوداني الملاحق، إلى «التراجع عن طرد منظمات الإغاثة العالمية من دارفور، والتوصّل إلى حل سياسي للأزمة في الإقليم»، إضافة إلى «تجاوز التوتّرات الناجمة عن الإجراءات القضائية بحق البشير».
ومن السودان إلى إسرائيل، جدّد بان مطالبته الحكومة الإسرائيلية الجديدة «بتجميد المستوطنات وفتح المعابر ووقف الإجراءات الأحادية في القدس، إضافة إلى مواصلة المفاوضات». وفي شأن المصالحة الفلسطينية، دعا إلى مصالحة «تحت قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس».
وركّز أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح على الوحدة العربية، داعياً العرب إلى «الوقوف وقفة جادة ومخلصة». وقال إن الخلاف العربي أدى إلى «استفحال روح الفرقة بدلاً من الوحدة». وانتقد الخلافات الفلسطينية التي «انعكست سلباً على واقعنا العربي»، ليصل إلى مهاجمة «الممارسات الإسرائيلية بحق الأبرياء» في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، قائلاً إن ذلك «يوجب على المجتمع الدولي التحرك لدفع كل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة من خلال الالتزام بقرارات الشرعية الدولية».
وفي ما يتعلّق بالسودان، قال صباح الأحمد إن بلاده تتابع «باهتمام وقلق تداعيات قرار المحكمة الجنائية الدولية»، معتبراً أن «هذا القرار لا يخدم الجهود العربية والأفريقية لحل مسألة دارفور». أما إيران، فطالبها «بالاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل قضية الجزر الإماراتية، إضافة إلى الاستمرار بالحوار الجاد بينهما وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وفي السياق، أكد الملك الأردني عبد الله الثاني أنّ «تنقية الأجواء العربية وتجاوز الخلافات يمثّلان الرؤية الاستراتيجية المستقبلية للأمة العربية»، مشدداً على أن رسالة واضحة يجب أن توجه إلى العالم وإلى إسرائيل تؤكد «أن الأمن الإسرائيلي مرتبط بتحقيق السلام بينها وبين الدول العربية». ورفض أيّ «محاولة لتغيير المرجعيات الدولية المرتبطة بتحقيق السلام»، كذلك شدّد على أن «القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسية للأمة العربية، ولا يمكن السلام أن يتحقق إلا بعد إيجاد تسوية عادلة وشاملة لهذه القضية».
أما الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، فاعتبر أن «التصميم على إعادة بناء العلاقات العربية وفق أسس واقعية تصالحية يعكس إرادة مخلصة للنهوض بالأمة العربية».
وإلى موريتانيا، أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز حرص بلاده على «تعزيز التعاون مع كل الأقطار الشقيقة، وخصوصاً في الميادين الاقتصادية».
وأخيراً، كان دور رئيس جزر القمر أحمد عبد الله سامبي، الذي طالب نظراءه العرب «برفض اعتبار جزيرة مايوت مقاطعة فرنسية كما قرر استفتاء الأحد (أول من أمس)».
(الأخبار)