سليمان ممتعض من التأخير والمعارضة ترفض محاصرة عون وعودة الحديث عن موفد قطريّ
رغم الضغط الذي مارسته قيادة الجيش لتخفيف الحملات التحريضية المواكبة لتوترات أمنية دخلت مرحلة «الافتعال المنظم» على حد تعبير مصدر أمني بارز، تتصرف الجهات السياسية في الموالاة والمعارضة على أساس أن ما يجري على الارض هو انعكاس للتأزم السياسي المستمر بفعل عدم تأليف الحكومة الجديدة. وللمرّة الأولى منذ تكليف الرئيس فؤاد السنيورة تأليف الحكومة، لاحظ زوار بعبدا ما سمّوه «بداية امتعاض» الرئيس ميشال سليمان من «محاولة البعض كبح انطلاقة قوية لعهده». وقال هؤلاء إن رئيس الجمهورية مضطر لأن يبذل الآن جهوداً مكثّفة لاحتواء التوتّرات الأمنيّة، ولتضييق دائرة الخلافات السياسية التي تعوق تأليف الحكومة.
وإذ نفى زوّار القصر اتّهام سليمان لأي من الطرفين بالمسؤولية عما يجري، فإنهم نقلوا عنه قوله إن المهلة الطبيعية التي تأخذها عادة الحكومات حتى تتألف شارفت على الانتهاء، وإن المطلوب من الجميع المبادرة الى إزالة العراقيل سريعاً حتى لا يؤثر ذلك سلباً على «موجة التفاؤل بصيف هادئ ومثمر» وحتى لا تعود الأوضاع الى ما كانت عليه قبل اتفاق الدوحة.
وفيما جرى الحديث من جديد عن حاجة الى تفعيل الاتصالات، ربما من خلال قدوم موفد قطري الى بيروت، فإنّ اللافت أمس كان الإعلان من خلال مصادر حكومية عن تشكيلة حكومية أرسلها السنيورة الى سليمان ورئيس المجلس نبيه بري تتضمن الحقائب الموزعة على الموالاة والمعارضة دون توزيعها على أسماء الوزراء، لكن طُلب في وقت لاحق سحب نبأ التشكيلة الذي وزّعته دوائر السرايا بعدما بدا أنه اصطدم بتحفظ. وتضمّنت تشكيلة السنيورة ثمانية وزراء دولة يوزعون أربعة للموالاة وثلاثة للمعارضة وواحداً لرئيس الجمهورية، فيما وزعت الحقائب الـ22 بما يعطي المعارضة ثماني حقائب (الخارجية، الطاقة، الصحة، العمل، الصناعة، الاقتصاد، الزراعة والشؤون الاجتماعية) ويعطي حقيبتين لرئيس الجمهورية (الدفاع والداخلية) وتحتفظ الأكثرية بـ12 حقيبة (المال، العدل، الأشغال العامة، الاتصالات، الإعلام، التربية، الثقافة، الشباب والرياضة، المهجرين، البيئة، السياحة والتنمية الإدارية).
ومع أن الرئيس السنيورة نفى أن يكون هو خلف هذه التشكيلة، إلا أنه تبلّغ رفضاً مباشراً لها من قوى المعارضة كافة، علماً بأن العماد ميشال عون الذي يطالب بحقيبة سيادية، ولا سيما المال، حرص أمس على الإعلان أن إحراجه من فريق الحكم بقصد إخراجه لن ينفع، وهو لن يكون خارج الحكومة مهما حصل، فيما أبلغ بري وحزب الله السنيورة والآخرين بأن المعارضة ستتمثل بكل قواها أو لا تتمثل أبداً.
مجلس قيادة الدرك
وفي خطوة مفاجئة تعكس الانفراج الجزئي في إعادة بناء المؤسسات الامنية، يلتئم مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي بعد ظهر اليوم للمرة الاولى منذ أكثر من سنة ونصف السنة بعد مقاطعة ثلاثة من أعضائه الـ11 هم العمداء محمد قاسم وعدنان اللقيس وقائد الدرك أنطوان شكور. وكانوا قد قاطعوا طيلة هذا الوقت اجتماعات المجلس وتحفظوا عن قراراته، إلا أن النصاب ظل مؤمّناً للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي (ثمانية أعضاء)، وظل المجلس ينعقد. وعُزي هذا التطور المفاجئ الى توافق سياسي على تصحيح أوضاع المؤسسات الامنية التي تأثرت بالانقسام السياسي منذ استقالة الوزراء الشيعة الخمسة.
ويأتي هذا التطور في ظل تجاذب سياسي على فتح ملفَّيْ تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للرئيس ميشال سليمان وتحديد مصير الاجهزة الامنية، وخصوصاً شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي. وبحسب مطلعين على الملف الامني، فإنّ فتح هذين الموضوعين نتج من الحوادث الامنية الاخيرة الآخذة في التفاقم، فيما تتبادل الموالاة والمعارضة الاتهامات بالسعي الى تحقيق تسوية على موضوع الاجهزة الامنية قبل تأليف حكومة الوحدة الوطنية.