قطر مع لجنة عربيّة مصغّرة تمهّد للحوار... وتفاهم «أوّلي» على الحكومة والحريري مع قانون فرنجيّة للانتخابات وعلمت «الأخبار» أنه سبقت انعقاد مجلس الوزراء في السرايا مساء امس اتصالات بدأت باقتراح أن يكون قرار التراجع عن القرارين من ضمن سلة تفاهمات تتم اليوم بالتزامن مع البيان المفترض صدوره عن الوفد، حتى إن الوزيرين الياس المر ونايلة معوض ظلا يرفضان داخل اجتماع الحكومة الفكرة وهدّدا بالاستقالة، ما دفع النائب وليد جنبلاط الى الاتصال بهما وإقناعهما بضرورة إنجاز هذه الخطوة لتجنيب البلاد المزيد من الفوضى. وهو الذي كان قد تمنى على النائب سعد الحريري مساعدته في إقناع الرئيس السنيورة بالأمر. كذلك جرى التواصل مع القوات اللبنانية لهذا الغرض، وجرت ترضية رئيس هيئتها التنفيذية سمير جعجع من خلال إقناع الوفد العربي بشمله في الجولة على القيادات السياسية المحلية، بخلاف البرنامج المقرر.
ومع إذاعة وزير الإعلام غازي العريضي مقرّرات الجلسة، وإعلانه التراجع على قاعدة الاستجابة لطلب قيادة الجيش التي دعت الحكومة الى إلغاء القرارين، احتفل أنصار المعارضة في بيروت والمناطق بما اعتبروه «انتصاراً»، وأطلقت الأعيرة النارية والمفرقعات، بينما كانت الاتصالات السياسية الجانبية مستمرة حتى ما بعد منتصف الليل.
وبعد الجولة التي قام بها وفد الجامعة العربية، عاد رئيس الوفد الشيخ حمد بن جاسم الى عقد اجتماعات منفصلة هو والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ومساعدين مع موفدين من فريقي المعارضة والموالاة. وبعيد منتصف الليل بقليل، حضر الى فندق الفينيسيا كل من المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ومعه النائب علي حسن خليل، ثم تبعهما وفد ضم النائب السابق غطاس خوري والمستشار الدبلوماسي لرئيس الحكومة محمد شطح، ومستشار الحريري الإعلامي هاني حمود. وعقدت اجتماعات منفصلة جرت خلالها قراءة مسوّدة البيان المفترض أن يذيعه الشيخ حمد بن جاسم اليوم في ختام زيارة الوفد الى بيروت، حيث سيصار الى التفاهم على آلية متابعة الأمر.
وحسب المعلومات، فإن الوفد العربي استمع من القيادات التي اجتمع بها الى مداخلات عبّرت عن مواقف كل منها من الحوادث الجارية. وكان لافتاً طلب جنبلاط من المسؤول القطري إبلاغ السيد حسن نصر الله «أن الخصومة بيننا مؤقتة وتزول، وأن جبل لبنان سيكون سنداً للمقاومة وستكون بيروت حاضنة للمقاومة ولا بد من الاجتماع والحوار لوأد الفتنة».
وبحسب المداولات، فإن أبرز ما توصّلت إليه اللجنة العربية هو الآتيأولاً: قامت اللجنة بجولة أولى أتاحت تحقيق تسوية جزئية تسمح بعودة الحياة في لبنان إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحوادث، وخرجت باتفاق عام يحتاج الى تثبيت، وذلك من خلال تأليف لجنة مصغّرة من اللجنة العربية الموسّعة تضم ممثلي وجهتي النظر العربيتين، على أن تتولى هذه اللجنة إجراء اتصالات مع القادة اللبنانيين خلال مهلة لا تتجاوز أسبوعين يجري على أساسها ترتيب طاولة الحوار في بيروت أو في الدوحة. وقد واجهت اللجنة ضغوطاً سعودية واضحة لعدم قبول فريق الموالاة الذهاب الى الدوحة، وهو الأمر الذي لم يُعبَّر عنه مباشرة، بل على العكس أظهر الجميع موافقتهم على دعوة المسؤول القطري الى التلاقي في الدوحة، وتقديم الأمر على شكل طلبات تظهر الحاجة الى تفاهمات مسبقة قبل انطلاقة الحوار.
ثانياً: ثبّتت اللجنة توافق الأطراف كافة على المرشح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية، دون أن تسجّل تحفظ جعجع. وبالنسبة إلى البند الخاص بالحكومة، أبدى جنبلاط موافقته على فكرة الثلاث عشرات، وكذلك تراجع العماد سليمان عن رفضه السابق تقديم ضمانات للطرفين بما يسهّل التوصل الى الاتفاق على الحكومة. لكن اللجنة شعرت بوجود هوّة جدية بين الطرفين في ما خص قانون الانتخابات، رغم أن الحريري كان قد تقدم خطوة الى الأمام بإبلاغه جهات بارزة في المعارضة موافقته على انطلاق البحث من القانون الذي اقترحه الوزير السابق سليمان فرنجية عام 2005.
ثالثاً: عدم الاتفاق نهائياً على جدول أعمال طاولة الحوار، حيث يطالب فريق 14 آذار بإعادة إدراج ملف سلاح المقاومة على طاولة البحث، الأمر الذي ترفضه المعارضة. وقد تولى الرئيس بري تأكيد هذا الموقف، بإشارته الى أن الكل سوف يدلي بآراء سياسية خلال الحوار، ولكن النقاش يجب أن يكون على أساس ما تضمّنته المبادرة العربية، وما دام هناك تفاهم على شخصية المرشح التوافقي، فإن البحث يجب أن يكون مقتصراً على بندي الحكومة وقانون الانتخاب. وشدّد بري على أهمية إنجاز الأمر خلال وقت سريع لمعالجة المضاعفات السلبية للحوادث الاخيرة واحتوائها.
ويفترض أن تعقد اللجنة العربية اجتماعاً أخيراً مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وكانت الترتيبات الامنية واللوجستية جارية للتفاهم على لجنة مصغرة تلتقي نصر الله نظراً الى ظروف الأخير الأمنية المعقدة. وحتى الثانية من فجر اليوم، لم يكن الاجتماع قد عقد، فيما كان حزب الله يبلغ الوفد العربي من خلال معاون نصر الله السياسي دعم الحزب الجهود المبذولة، وترحيبه بدعوة المسؤول القطري لانتقال المتحاورين الى الدوحة، علماً بأن قيادات في فريق الأكثرية تذرّعت بأسباب أمنية تحول دون سفرها الآن الى الدوحة، فيما سأل جعجع أحد الدبلوماسيين العرب عما إذا كان نصر الله سيشارك في الحوار أم لا.


بيان مجلس الوزراء

عند العاشرة والنصف من مساء أمس، أذاع وزير الإعلام غازي العريضي مقرّرات مجلس الوزراء الرسميّة، وجاء فيها:
بما أن القرارين الصادرين عن مجلس الوزراء، قد استخدما كذريعة، عن غير حق ولا مبرر، لاجتياح بيروت والجبل وغيرهما من المناطق اللبنانية بقوة السلاح، مما عرّض السلم الأهلي لخطر شديد بلغ حد الفتنة، ونظراً إلى الأوضاع التي وصلت إليها البلاد، وصوناً لأمن الوطن وحقناً للدماء وحفاظاً على السلم الأهلي ولوقف التدهور الحاصل، والعودة بالوطن الى حالة تمكن من البدء بحوار بنّاء لإخراج الوطن من أزمته التي تفاقمت على نحو خطير في الأيام الاخيرة، وفي ضوء ما ورد في البندين 1 و2 من بيان قيادة الجيش ـــــ مديدرية التوجيه ولا سيما لجهة البند 2 المتعلق «بموضوع معالجة مسألة شبكة الاتصالات من قبل سلاح الإشارة في الجيش اللبناني بما لا يضر بالمصلحة العامة وأمن المقاومة»،
وبما أن البيان يؤكد في البند 3 منه على «الطلب إلى جميع الأفرقاء إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الأحداث الأخيرة في البلاد، لجهة منع المظاهر المسلحة وسحب المسلحين وفتح الطرقات»، وبما أن البيان يتضمّن في البلد 4 منه «تكليف وحدات الجيش المنتشرة مواصلة اتخاذ الإجراءات الميدانية لحفظ الأمن وبسط سلطة الدولة وتوقيف المخالفين»،
وبما أن الحكومة تجد في هذه البنود وتطبيقها ما يدخل في صميم مسؤوليات وصلاحيات المؤسسة العسكرية، وفقاً لأحكام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، لا سيما لجهة منع المظاهر المسلحة وسحب المسلحين من الشارع وفتح الطرقات، والحفاظ على أمن المطار وتطبيق ما ينص عليه القانون في هذه المجالات،
وبما أن ما ورد في كلمة دولة رئيس مجلس الوزراء التي وجهها للشعب اللبناني يوم السبت الموافق في 10/5/2008، قد أكده مضمون بيان قيادة الجيش، لا سيما لجهة وضع القرارين الصادرين عن الحكومة، موضوع البيان، في عهدة الجيش اللبناني وقيام الجيش بمسؤولياته الكاملة في ما تعهد به في بيانه الآنف الذكر وفي الحفاظ على الأمن ومنع كل المظاهر المسلحة وذلك تحت سلطة المؤسسات الدستورية المعنية،
وحيث إن الحكومة تحرص حرصاً شديداً على المصلحة الوطنية العليا، ولا تتردد في اتخاذ أي موقف أو قرار يصب في تحقيق ذلك كما تحرص على سلامة المواطنين وأمنهم، وتسهيلاً لمهمة وفد اللجنة الوزارية العربية برئاسة رئيس مجلس وزراء دولة قطر وتمهيداً لتنفيذ بنود الحل العربي والمبادرة العربية،
فإن المجلس إذ يؤكد رفضه الكامل والحازم لاستخدام العنف المسلح لتحقيق أهداف سياسية خارج إطار الشرعية الدستورية، وعلى مسؤولية الدولة في الحفاظ على أمن المواطنين وعلى حقها الكامل في بسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وعلى مرجعيتها الدستورية في جميع القرارات المتعلقة بالمصلحة الوطنية والأمن الوطني، عملاً بأحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني اللبناني (اتفاق الطائف)، وحيث إن هذين القرارين المشار إليهما أعلاه لم يقترنا بعد بالنفاذ ولم يصدر أي مرسوم بشأنهما يضعهما موضع التنفيذ، وبعد المداولة، قرر المجلس: الموافقة على اقتراح العماد قائد الجيش المبيّن في كتابه رقم 489/أ أ/أ تاريخ 10/5/2008 الموجه إلى دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني المتضمن إلغاء القرارين المذكورين في هذا الكتاب.