عاد أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري من زيارته المفاجئة لدمشق بموقف سوري يؤيّد الحوار بين اللبنانيين، فيما كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يطلق النار من القاهرة على مبادرة برّي الحوارية، معتبراً أنّ الأزمة ليست بين فريقي الموالاة والمعارضة، بل بين فريق السلطة وسوريا. وزيارة برّي إلى دمشق هي الأولى له منذ 29 حزيران 2006 عندما زارها بتكليف من أركان طاولة الحوار، وعاد منها بدعوة سوريّة إلى رئيس الحكومة، لكنّ الأخير لم يلبِّها. كما تندرج زيارة برّي في إطار جهود رئيس المجلس لحصر الخلاف السوري ـــــ اللبناني بين الدولتين، فيما يسعى السنيورة إلى نقل هذا الخلاف إلى أروقة الجامعة العربية والأمم المتّحدة. وفي موازاة ذلك، يأتي تحرّك السنيورة ـــــ كما لاحظت مصادر نيابية رفيعة ـــــ في إطار عرقلة الموالاة للمبادرة الحوارية التي أطلقها بري، والتي تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لتنفيذ المبادرة العربية. ولاحظت هذه المصادر، من خلال ما أعلنه السنيورة في القاهرة، وجود محاولة لعدم الاعتراف بالمعارضة، والإيحاء بأن الأزمة هي فقط مع سوريا.
واستغربت هذه المصادر حديث السنيورة عن أن بري هو طرف في الأزمة وأنه ليس له أن يدعو أو يدير أي حوار، وسألت لماذا لم يصدر هذا الاعتراض سابقاً عندما أدار رئيس المجلس طاولتي الحوار والتشاور.
ولفتت المصادر إلى حديث الموالاة عن وجوب أن يتولّى رئيس الجمهورية الجديد بعد انتخابه إدارة الحوار، فقالت: «لو كان هناك رئيس جمهورية لما كان لرئيس مجلس النواب أن يدعو إلى الحوار. وطبيعي بعد انتخاب هذا الرئيس أن يتولى هو إدارة الحوار بين اللبنانيين في كثير من القضايا».
وكشفت هذه المصادر أن بري عاد من دمشق مرتاحاً إلى نتائج محادثاته مع المسؤولين السوريين، إذ سمع منهم تأكيداً جازماً بالمساعدة على حل الأزمة اللبنانية وعدم التدخل في أي حوار داخلي لبناني وأنهم يدعمون كل ما يتفق عليه اللبنانيون.
وقد جاءت زيارة بري لدمشق أمس في مستهل جولته العربية التي ستشمل السعودية التي يتوقع أن يزورها بعد غد الخميس ومصر وغيرها في إطار السعي الى تحقيق توافق عربي، وتحديداً سوري ـــــ سعودي، يساعد على تنفيذ المبادرة العربية التي يقودها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وأكد بري أنه «ليس لسوريا أي شرط على الإطلاق على التفاهم اللبناني اللبناني، وهي داعمة للحوار وأقول ذلك من سوريا تحديداً». وأشار بري إلى الحوار الذي أجري في المجلس النيابي عام 2006 فقال: «صدرت آنذاك قرارات تتعلق بلبنان وسوريا في غياب سوري كامل... سوريا تلتزم بها الآن، بما فيها العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا وغير ذلك من الأمور».
وقال معاون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في تصريح تنشره جريدة «الثورة» السورية اليوم، إن هدف زيارة بري لدمشق هو إطلاعها على مقترحاته لإنهاء الأزمة اللبنانية، ووصف جولة السنيورة العربية بأنها مسعى «لفرض الأجندة الأميركية وخلق أجواء تضليلية في لبنان بأنه يتحرك لإيجاد حل للأوضاع القائمة فيه». ودعا اللبنانيين الى حل قضاياهم بأنفسهم، وقال إن «الحل يأتي من طاولة الحوار ووفق مبدأ المبادرة العربية التي تدعمها سوريا».
الى ذلك، أكد السنيورة من القاهرة التي انتقل منها الى أبو ظبي رفضه دعوة بري الى استئناف الحوار. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع موسى «لا حلول في لبنان الآن من خلال الحوار». وأضاف إن «من يجري الحوار هو رئيس الجمهورية ولا يجب أن يترأس جلسات الحوار طرف في الأزمة اللبنانية».
ونقلت قناة «المنار» عن مصادر مرافقة لرئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الموجود في الخارج موقفه من دعوة بري الى الحوار، فقالت إنه «مع مبدأ الحوار لكن لديه عدة ملاحظات وهي، أن لا يكون الحوار بديلاً من فتح المجلس النيابي المقفل في وجه النواب. كما أن الحوار يجب ألا يكون بديلاً من المبادرة العربية، ويجب ألا يستعمل كوسيلة لكسب الوقت بالنسبة الى سوريا، وأن الرئيس بري لا يستطيع أن يحدّد نقاط الحوار وحده، فضلاً عن رغبة الموالاة في حوار يرأسه رئيس الجمهورية المنتخب».