موسى لا يرى حكومة حياديّة قبل شهرين وقوى الأمن تنبش المقابر الجماعيّة في حالات؟تكشَّف أمس، إثر انتقال رئيس مجلس النواب نبيه بري من القاهرة الى الدوحة، أنه حمل الى القيادة المصرية مشروع مبادرة سورية لحسم ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان. وفيما غابت التطورات السياسية الداخلية البارزة، علمت «الأخبار» أن قوة من قوى الأمن الداخلي ستعمد اليوم الى نبش المكان في حالات الذي أثيرت من حوله شكوك وتساؤلات عن إمكان وجود مقبرة جماعية فيه تعود الى سني الحرب الأهلية.
وكان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون قد علق امس على الموضوع، فطالب السلطات المعنية بالتحقيق، لافتاً الى وجود مقابر في مناطق أخرى، وقال إن السكوت عن هذا الأمر لم يعد جائزاً، وإنه كلف نواب جبيل بمتابعة موضوع المدافن الجماعية في حالات. وأجريت أمس اتصالات رسمية وسياسية وأمنية بغية وضع حد للسجال الدائر حيال التأكد من وجود هذه المقبرة أو عدمه، وكلفت قوى الأمن نبش المكان، وخصوصاً أن السجال ترافق مع اتهامات وجهت الى قوى حزبية كانت ممسكة بالأرض في هذه المنطقة إبان الحرب الأهلية.
ونقل مراسل «الأخبار» في القاهرة وائل عبد الفتاح عن مصادر مصريّة قولها إن برّي أطلع الرئيس المصري حسني مبارك ومساعديه الكبار ـــــ وفي مقدّمهم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان ـــــ وكذلك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى على مبادرة سوريّة وتشاور معهم في شأنها.
ولفتت هذه المصادر إلى أن بري الذي تمنّى على القاهرة معاودة التوسّط بين الرياض ودمشق لحلحلة الأزمة اللبنانية، يعتقد أن استمرار القطيعة والتجاذبات بين العاصمتين يصبّ في غير مصلحة لبنان. ورأت أن المبادرة السورية لا تمثل التفافاً على المبادرة العربية، بل تتناغم معها وتشدّد على ثوابت سوريا المعلنة في الملفّ اللبناني من دون تغيير، كما تؤكد الرغبة في إيجاد علاقات جوار حسنة مع لبنان.
لكن بدا في المقابل أن دمشق تفضّل تسمية مقترحاتها مبادرة بري. وقال دبلوماسي سوري رفيع المستوى لـ«الأخبار» في هذا السياق: «نعتقد أن مبادرة بري ينبغي أن تحظى بمعاملة إيجابية لدى الأطراف اللبنانيين والعرب إذا كانت ثمة رغبة في حل المعضلة اللبنانية».
وفي المقابل، أكدت مصادر في مقر الرئاسة المصرية لـ«الأخبار» أن مبارك متّفق مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على ضرورة تقديم حلّ أزمة الاستحقاق الرئاسي على أي محاولة لتطوير العلاقات بين القاهرة ودمشق والرياض.
وقال مصدر عربي مطلع إن موسى يخطط لزيارة سوريا لنقل الرد العربي على مشروع المبادرة السورية إلى الرئيس بشار الأسد، واستبعد احتمال أن يزور موسى لبنان قريباً.
وكان بري قد قال لدى مغادرته القاهرة الى الدوحة إن زيارته إلى مصر كانت «أكثر من ناجحة» على كل المستويات. وأكد سعي الجانب المصري إلى «التوافق بين اللبنانيين عبر دعم الحوار في ما بينهم». وأوضح أن مصر تسعى إلى توافق لبناني وصولاً لانتخاب رئيس للجمهورية والتوصل إلى توافق على موضوع الحكومة وقانون الانتخابات «أي تنفيذ المبادرة العربية». وقال إن «مصر تعتبر كل اللبنانيين أشقاء من دون تمييز وتسعى إلى توافقهم عبر دعم الحوار اللبناني ـــــ اللبناني».
وفي ما يخص زيارته إلى قطر قال إنه سيعقد عدة لقاءات خلالها تبدأ بلقاء أمير دولة قطر وذلك في إطار عرض تطورات الأوضاع في لبنان على القادة العرب، لافتاً إلى أنه سيقصد السعودية بعد قطر.
الى ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد «أن الاتصالات بين مصر والأطراف العربية مستمرة لتحريك الموقف في لبنان وهي تتسارع في محتواها، لكن لا يزال مبكراً الحديث عن نتائجها». وأضاف عواد في تصريحات لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية: «لا أستطيع القول إن هناك جديداً في ما يتعلّق بالوضع على الساحة اللبنانية»، وأشار إلى أن مبارك في اجتماعه أول من أمس مع بري «كان واضحاً كل الوضوح وصريحاً كل الصراحة في عرض موقف مصر من تطورات الأزمة اللبنانية منذ ما قبل حلول موعد الاستحقاق الرئاسي».
ورداً على تصريح وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس القائلة ببقاء الوضع في لبنان على ما هو إلى حين الانتهاء من الانتخابات الأميركية، قال عواد: «إن العالم ومصائر الشعوب والدول ليست مرهونة بالانتخابات الأميركية»، لافتاً إلى أن مبارك تحدث وبري عن نظرة مصر الى الوضع اللبناني «لكن البحث لم يتطرق إلى وضع العلاقات بين لبنان وسوريا الشقيقة».
ووصف عواد هذه العلاقات بأنها «ليست في أحسن حالاتها، ليس فقط بسبب تجاهل الأزمة اللبنانية قبل القمة العربية وخلالها، وليس فقط لأن هناك تظاهرات نُظمت أمام السفارة المصرية في دمشق، ولكن لأن هذه العلاقات لها أساس راسخ بين إخوة وأشقاء كانوا في وقت من الأوقات في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي دولة واحدة». وأضاف «أن هناك أساساً قوياً، والوضع الطبيعي أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه من قوة، وليس الوضع كما يبدو عليه الآن».
لا حكومة قريبة...
إلى ذلك قال موسى لـ«الأخبار» في لندن على هامش مشاركته في معرض لندن للكتاب إنه لا جديد حالياً على مستوى معالجة الأزمة اللبنانية ولن تؤلف أي حكومة حيادية قبل شهرين أو ثلاثة أشهر.
ونفى موسى أن يكون في نيّته زيارة بيروت قبل جلسة انتخابات الرئاسة المقررة في 22 من الجاري، وقال إن الرئيس بري لم يتمكن من دفع الأمور خلال زيارته المصرية إلى الخواتيم المرجوّة. وأضاف: «المهم اليوم هو انتخاب رئيس الجمهورية لأنه لا يمكن البلاد أن تبقى بدون رئيس». وأشار إلى أنّ قوى 14 آذار «لم تعترض على قانون انتخابات عام 1960، ولكن هناك تحولات حصلت في المناطق وفي عدد النواب والكتل السكانية، وبالتالي لا يمكن تطبيق هذا القانون من دون تعديل». واتهم موسى فريقي الأزمة بأنهما «لا يلتفتان إلى مصالح لبنان، بل إلى مصالحهما الخاصة».
وفي لقاء مع مجموعة من الصحافيين العرب في العاصمة البريطانية، قال موسى إنّه «لا يمكن التخلّي عن لبنان ولا بديل من الحل والمبادرة العربية»، مضيفاً «لا يمكن ترك لبنان من دون رئيس»، مشيراً الى أن لبنان «يحتاج الى حكومة وحدة وطنية». وشدد على أهمية العلاقة بين سوريا ولبنان لأنها جزء من المبادرة العربية.
وفي تصريح بثّته قناة «أخبار المستقبل»، أكد موسى أن دمشق بصفتها رئيسة القمة العربية لا تستطيع منع انعقاد اجتماع وزاري عربي لدعم لبنان، مشدّداً على ضرورة التئام هذا الاجتماع قريباً. وتمنّى موسى ألا يكون هناك ارتياح من البعض في لبنان إزاء وضع المراوحة الذي تمر به البلاد، محذراً من خطورة «ترك لبنان في حالة هشة في ظل الظروف الاقليمية الحالية».