لم يحمل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ديفيد ولش، خلال زيارته المفاجئة إلى بيروت، أمس، أي موقف أميركي مختلف عن السابق. وهو قد جاء إلى لبنان للمشاركة في الاحتفال الذي ستقيمه السفارة الأميركية لمناسبة ذكرى مرور 25 عاماً على تفجير مقرّها في محلّة عين المريسة. إلا أنّ ذلك لم يمنعه من عقد سلسلة من اللقاءات مع الأمانة العامة لقوى 14 آذار، الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط.وقد سارع فريق 14 آذار إلى تسليمه مذكرة إلى الإدارة الأميركية ترى أنّ الأزمة اللبنانية «سورية المنشأ». بدوره، تبنّى ولش خلال لقاءاته موقف الموالاة الداعي إلى انتخاب رئيس الجمهورية أولاً، على أن يتولى هذا الرئيس لاحقاً إدارة الحوار في موضوعي الحكومة وقانون الانتخاب. وكشفت مصادر مطّلعة أنّ رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، شرح لولش في اللقاء الذي عقد بينهما، ودام ساعة وربع ساعة، مبادرته الحوارية والأسباب التي دفعته إلى إطلاقها، وهي أن يجري البحث في موضوعي الحكومة وقانون الانتخاب بعدما تمّ الاتفاق على رئيس الجمهورية التوافقي «بحيث نستمر في الحوار حتى نتفق، وإذا اتفقنا ننتخب رئيس الجمهورية في الجلسة المقررة في 22 من الجاري، وإذا لم نتفق نستمر في هذا الحوار على الطريقة البلجيكية إلى أن يحصل اتفاق».
وقال بري لولش «إن الطريق الوحيد للبنانيين هو التوافق، وهذا لا يتحقق إلا بالحوار». ورفض بشدة مقولة أن مجلس النواب مقفل، وقال للدبلوماسي الأميركي «إن المجلس مفتوح طوال أيام الأسبوع ما عدا يوم الأحد، وهناك أعمال تقوم بها اللجان النيابية، فضلاً عن انعقاد ندوات برلمانية». ولفت بري إلى أن رئيس المجلس، كما هي حال رئيس الكونغرس الأميركي، لا يملك حق جلب النواب بالقوة لإكمال نصاب الجلسات.
وذكرت المصادر نفسها أن ولش لم يكن سلبيّاً في النقاش مع بري، وقال له نريد انتخاب رئيس الجمهورية فوراً، فردّ بري: «إن المبادرة العربية قالت بانتخاب رئيس الجمهورية فوراً وبتأليف حكومة وحدة وطنية فوراً والعمل على إقرار قانون انتخابي جديد. فلماذا يجري تجاهل هذه الحقيقة؟».
وإذ قال ولش لبري إن ما حصل من حوار في السابق بين الموالاة والمعارضة لم يعط نتيجة، استغرب رئيس المجلس هذا الكلام، وقال لضيفه الأميركي: «إن الحوار أعطى نتائج كبيرة تتعلق بمعالجة موضوع السلاح داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها، وإقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا وتحديد الحدود معها، والمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. نعم، لم نتفق يومها على موضوع رئاسة الجمهورية لأنه كان لدينا رئيس جمهورية ممدّد له دستورياً، ولم يكن ممكناً العمل على إقالته».
وأضاف بري: «إن الجميع، بمن فيهم وليد جنبلاط، قد أيّدوا الحوار باستثناء رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع». عندها، لم ينبس ولش ببنت شفة.