تصحيح الأجور ينتظر وزيادة الرواتب لن تتعدّى 150 ألف ليرةلا عيديّة لأصحاب العيد قبل الأوّل من أيّار. فزجليّات الموالاة والمعارضة لا تتّسع للهموم المعيشيّة. أمّا الجلسة الحكوميّة التي كان مقرّراً أن تناقش تصحيح الأجور من خارج جدول الأعمال، فاستبدلت باجتماع وزاري، نظراً لوجود بعض الوزراء خارج البلاد. كما لو أنّ القرارات المعيشيّة لا تلبّي طموحات من هم في موقع المسؤوليّة، الذين لم يتنازلوا ويؤجّلوا مواعيد سفرهم. وإذا كان ارتفاع الأسعار لا يستأذن أحداً، ولا يخضع لسطوة أيّ رقابة في هذه البلاد، فإنّ تصحيح الأجور بإمكانه الانتظار، ومن لا يملك ثمن الخبز «فليأكل البسكويت».
هذا ما يمكن استخلاصه من التأجيل المستمرّ لبتّ مسألة نسب تصحيح الأجور وزيادة الحدّ الأدنى، في ظلّ موجة الغلاء المفتعلة التي تجتاح البلاد.
فقد ارتأى الاجتماع الوزاري برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إعادة مسألة تصحيح الأجور إلى اجتماعات ومشاورات مع الهيئات الاقتصادية، قبل التوصّل إلى إقرار زيادة «أجور معقولة»، بحسب ما أعلن أحد الوزراء لـ«الأخبار».
وكشف الوزير الذي كان حاضراً في الاجتماع أنّ نسبة الزيادة، في حال إقرارها، لن تتعدّى 150 ألف ليرة حتّى راتب معيّن أو على مجمل الرواتب، مع تخصيص مبلغ 50 ألف ليرة أو أقل من ذلك زيادة على التنقّلات.

الوضع السياسي

أمّا على الصعيد السياسي، فلا تبدو الأجواء أشدّ انشراحاً. فقد ردّ الرئيس نبيه بري على موقف فريق 14 آذار باعتباره «لا جواب» على مطالبته بالحضور الى الحوار. وقد أبلغ جهات عدة من فريقي الموالاة والمعارضة أنه يرفض محاولة الالتفاف على مبادرته وإعادة الأمور الى إطار التفاوض الثنائي غير المجدي، وأن المعارضة لا تزال تفوّض إلى العماد ميشال عون إدارة التفاوض. أما ملف الحوار، فينتظر بري موافقة الموالاة لتحديد موعد لجلسة الحوار.
وقد فسّر قطب في فريق 14 آذار ردّ برّي بأنّه يعني أنّ رئيس المجلس لا يريد الحوار، وأن ما سُرّب نقلاً عن مصدر قريب منه عبر «وكالة الصحافة الفرنسية» من أنه لن ينعقد لقاء بينه وبين النائب سعد الحريري يؤكد ذلك، «ولكن ليس سهلاً على بري أن يرفض لقاءً مع الحريري كرئيس أكبر كتلة نيابية وكزعيم للطائفة السنية».
وأشار القطب إلى أن 14 آذار فوّضت إلى الحريري التفاوض مع بري، وهي تتمسك بهذا التفويض وتصر على أن يكون الحوار مع المعارضة وفق هذه الصيغة الثنائية «لأننا لا نريد أن نذهب إلى طاولة الحوار التي دعا إليها بري لنجلس إليها وكأننا تلاميذ في مدرسة».
وقال القطب «إن بري يريد بدعوته إلى طاولة الحوار أن يكرّس مقولة أن الخلاف بين الموالاة والمعارضة هو خلاف لبناني ـــــ لبناني، ولكنّنا نقول ونؤكد أن هذا الخلاف هو خلاف لبناني ـــــ سوري، وأن سوريا هي التي تمنع انتخاب رئيس الجمهورية».
وأكد القطب نفسه أن الموالاة «تحاول، في ضوء الموقف الذي أعلنته والاتصالات واللقاءات التي يجريها الحريري، استكشاف النيات من أجل تكريس جلسة 13 أيار لانتخاب رئيس الجمهورية». وقال مصدر قريب من برّي لـ«الأخبار» إنه لا مانع لديه من أن يلتقي الحريري في أي وقت للتشاور والتباحث معه في القضايا الوطنية، بصفته السياسية والشخصية وكونه رئيس كتلة نيابية. ولكن إذا كان الحريري يريد لهذا اللقاء أن يكون لحوار ثنائي، فعليه التوجه الى عون. وأضاف المصدر ان المبادرة التي أطلقها بري تدعو إلى حوار شامل يجمع كل أركان الموالاة والمعارضة ولا تدعو إلى حوار ثنائي فوّضت الموالاة إلى الحريري إجراءه مع بري، وأشار إلى أنه ليس لدى بري أيّ تفويض من المعارضة بإجراء مثل هذا الحوار، وبالتالي لا يمكنه التصرف بتفويض أعطته المعارضة لعون وليس له.
وأكد الحريري اثر زيارته السنيورة مساء أمس ومشاركته لبعض الوقت في الاجتماع الوزاري قبوله بالحوار، مجدّداً ربطه بضرورة الحصول على ضمانات بشأن وجوب انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في الجلسة النيابية المقررة في13 أيار المقبل، معلناً القبول بتأليف حكومة الوحدة الوطنية وإعلان النيات والانتخاب على أساس قانون القضاء. وأشار الى أن «كل نواب 14 آذار سينزلون الى مجلس النواب في 13 أيار وهذا اليوم سيتميّز بكثير من الأشياء». وأعلن أنه ينتظر رد بري على طلب اللقاء بينهما خلال اليومين المقبلين، قائلاً: «أنا رئيس كتلة وإذا كان بري لا يريد لقائي فليخبرني».
وكان ملف الحوار موضوع مكالمة هاتفية طويلة بين الرئيس بري والعماد عون الذي جدّد تأكيده أنه لا يرفض الحوار من حيث المبدأ لكنه لا يريد تكرار التجارب التي تهدف الى تضييع الوقت وتنتهي الى تعطيل الانتخابات الرئاسية وتأليف الحكومة وإجراء الانتخابات النيابية لإبقاء الأمور على حالها لناحية تولي الرئيس فؤاد السنيورة وفريق السلطة الإمساك بمؤسسات الدولة.
إلى ذلك، يصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت غداً حيث يلقي كلمة في افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي» الذي سينعقد في فندق «فينيسيا»، ثم تكون له لقاءات مع كل من بري والسنيورة وعون والحريري. وقال موسى إنه سيسعى الى «إقناع المسؤولين اللبنانيين بتنفيذ المبادرة العربية»، مشيراً الى أن «مسألة الحوار المطروحة الآن مهمة وهي جزء من المبادرة العربية».