الحريري تدخّل لضمان مشاركة عكاريّة في 14 شباط وريفي يبرّر القرار بحماية مراقبة الحدود
بات بإمكان المواطنين اللبنانيين شراء ما يحتاجون إليه من المواد الغذائية والتموينية والمازوت من سوريا، وإدخالها إلى لبنان، من دون أن تعترضهم القوى الأمنية اللبنانية وتحيلهم على القضاء بتهمة التهريب.
فقد أصدر رئيس «لجنة السهر على مراقبة وضبط المراكز الحدودية» المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي قبل أربعة أيام، تعميماً طلب فيه من «كل القطعات المعنية الموجودة على المناطق الحدودية اللبنانية ــــ السورية عدم التعرّض للمواطنين الذين ينقلون المواد التموينية والغذائية بصورة عامة، ومادة المازوت بصورة خاصة»، على ما ورد حرفياً في التعميم الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه.
والتعميم يعني ضمناً أنّ الحكومة اللبنانيّة بدلاً من دعم مازوت التدفئة بشكل كافٍ والمواد الغذائية الأساسية، تترك المواطنين عرضةً لأهواء السوق والغلاء، وبات من يودّ الحصول على أساسيّات الحياة أن يلجأ إلى موادّ العيش الأساسية المدعومة من الحكومة السورية.
وقد أورد التعميم أنّ القرار جاء «نتيجة الاجتماع الذي عقد بين رئيس مجلس الوزراء ولجنة السهر على مراقبة المراكز الحدودية وضبطها، وبسبب الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بشكل عام، والمناطق الحدودية اللبنانية ـــــ السورية بشكل خاص، إضافة إلى موجة البرد والصقيع التي تضرب لبنان وغلاء أسعار المحروقات عالمياً، بصورة غير مسبوقة، وبالتالي انعكاسها سلباً محلياً، ولأسباب إنسانية».
وطلب التعميم أن يُعمَل بهذا التدبير ابتداءً «من تاريخ صدوره وحتى إشعار آخر»، طالباً أن «يتم التنفيذ بالتنسيق بين الوحدات المعنية وقوى الجيش اللبناني المنتشرة عملانياً في المنطقة وسائر الأجهزة الأمنية المعنية». وأرسل ريفي كتابه إلى وزارة الداخلية، إضافة إلى قيادة الجيش ـــــ أركان الجيش للعمليات، ومديريات الأمن العام وأمن الدولة والجمارك للاطلاع.

أسباب سياسيّة أيضاً

لكن يبدو أن هناك أسباباً سياسية غير تلك التي وردت في تعميم المدير العام لقوى الأمن الداخلي، إذ علمت «الأخبار» بوجود تقرير لدى الجهات المختصة يشير إلى أنه بينما كانت دوريات مشتركة من الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجمارك تقوم بعمليات منع تهريب بضائع مختلفة الأنواع، بما فيها مادة المازوت عبر المعابر غير الشرعية على الحدود الشمالية، حصلت مواجهة بينهم وبين مجموعات كبيرة من المهربين وهم من أبناء المناطق الشمالية. وتعرضت أكثر من 8 سيارات للقوى الأمنية للتكسير والتحطيم قبل أن يتم سحب العناصر.
وفي وقت لاحق، وعندما انتقل النائب سعد الدين الحريري إلى طرابلس لتعبئة جمهور ومناصري تيار «المستقبل» للمشاركة في مهرجان 14 شباط، فوجئ برفض وفود من عرب وادي خالد الحضور إلى الفندق الذي أقام فيه الحريري، وتولى أحد منسّقي «المستقبل» في المنطقة نقل رسالة احتجاج من عرب وادي خالد إلى النائب الحريري تركزت على ما يجري على الحدود. فوعد الحريري بتسوية الأمر مع السلطات المختصة. وعلم أنه أجرى لهذه الغاية اتصالات سريعة ومكثفة مع وزير الداخلية والجهات الأمنية المعنية قبل أن يتفق مع الرئيس فؤاد السنيورة على إجراءات من نوع مختلف، قبل أن يطلب السنيورة من الجهات المعنية تسهيل عمليات تهريب المازوت لمواجهة موسم الشتاء.

مراقبة الحدود

وذكر مرجع أمني لـ«الأخبار» أن «القوى الأمنية تشعر بالظرف المعيشي الضاغط على المواطنين، وتعرف أن تهريب المواد لم يتوقّف، وهي غير معنية إلا بحفظ البلاد من تهريب الأسلحة والإرهابيين. وقد وردت معلومات عن أن هناك تحريضاً على عمل القوى الأمنية المكلفة بمراقبة الحدود. وخوفاً من نسف مشروع مراقبة الحدود بحجة الوضع الاقتصادي، طرحت اللجنة على الرئيس السنيورة التغاضي عن تهريب المواد الغذائية والتموينية والمازوت، لهدفين: عدم زيادة الأعباء المعيشية على المواطنين من جهة، وعدم تعريض مشروع مراقبة الحدود لأي اهتزاز». وبناءً على ذلك، وافق السنيورة على طرح القوى الأمنية. وأكّد المصدر أن القوى الأمنية ستسمح للمواطنين بالمرور عبر المعابر غير الشرعية، و«ستسمح بإدخال البضائع غير الممنوعة، ولن توقف سوى من يهرّب أجانب وأسلحة ومخدرات، إضافة إلى الممنوعات الأخرى».
يُشار إلى أن عدداً كبيراً من السلع تقلّ أسعارها في سوريا عن مثيلاتها في لبنان بسبب دعم الحكومة السورية لها. فسعر صفيحة المازوت لا يتجاوز في سوريا ما قيمته خمسة آلاف ليرة لبنانية، فيما سعرها في لبنان يزيد على 22 ألف ليرة. أما الطحين المدعوم في سوريا، فلا يزيد سعر الكيلوغرام الواحد منه على 330 ليرة لبنانية، فيما سعره في لبنان يزيد على 480 ليرة. وتنطبق فروقات مماثلة على أسعار الخضر وسائر المواد الغذائية.
وباختلاف الأسعار بين البلدين، يبقى أن السلطة التنفيذية أعطت لنفسها في هذا التعميم حق منع تنفيذ قانون ساري المفعول، من دون العودة إلى أي سلطة تشريعية مناط بها وحدها سنّ القوانين وتعديلها أو إلغاؤها.