في شارع مونو، كانت بيت العائلة ذات القرميد الأحمر. وكان جوزف الفتى وحازم وأصدقاء كثر، وجيران وغرباء يقفون على الشرفة المتداعية، ويأتي صوت والدته سيسيليا الغاضب وسُبابها من الداخل. تنتهر الشبان ليخفّفوا من وطئهم وثقلهم على تلك الشرفة رأفةً بها. وعلى هذه الشرفة نفسها، ستقف سيسيليا عشيّة الحرب الأهلية لتفرغ دلاء المياه على محازبي «الكتائب» المتجمّعين في الأسفل. الجدّات كن يتشاطرن الحياة هنا أيضاً. جدّة جوزف لأمّه وجدّته لأبيه. الأولى لم تكن تخلع السواد أبداً، تعرج قليلاً وتكثر من الصمت. «أنجول» جدّته لأبيه منعزلة لا تتبادل الحديث مع عائلة سماحة الصغيرة. تصرّ على قراءة الصحف أفقيّاً فتتداخل التفاصيل والأحداث السياسية في رأسها على نحو مرعب، وتزيد عليها من «العدة التوراتية». وكذلك، كانت تعيش الخالة التي أصيبت بحادثة في طفولتها سبّبت إعاقتها. ويقال إنّها فُقدت بعد سنوات في نيويورك في مصعد بأحد المراكز التجارية الضخمة، حين كانت في زيارة مع والدتها لأقرباء لهم هناك.
هذه كانت الوجوه اليوميّة في حياة جوزف، يشعر المرء لدى استعراضها بأنّه أمام شخصيّات ماركيزية، أو أجواء تقترب في عالمها من الواقعية السحرية في أدب أميركا اللاتينية.