جنبلاط يجدّد رفضه للثلث المعطّل ويحمّل حزب الله «المسؤوليّة المعنويّة» عن الاغتيالات
انتهت هدنة الأعياد سريعاً، وبدا العام الجديد مفتوحاً على كل الاحتمالات. ففيما أعلنت سوريا أمس بلسان وزير خارجيتها وليد المعلم وقف الاتصالات مع باريس في شأن لبنان ردّاً على موقف مماثل أعلنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من القاهرة قبل أيام، استمرّ التصعيد بين الموالاة والمعارضة الذي يسابق جولة الرئيس الاميركي جورج بوش في المنطقة الأحد المقبل، المتزامنة مع اجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي في القاهرة.
وإذ أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه لن يكون هناك انتخاب رئيس جمهورية «ما دام هناك قرار أميركي بعدم إعطاء المعارضة الثلث الضامن» ، كشف أنّ المعارضة ستحدّد خطواتها المستقبلية خلال عشرة أيام إذا فشلت الوساطات وأصرّت الحكومة على بقائها في السلطة. أمّا رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط فأكّد، في المقابل، أنّ الموالاة لن تعطي المعارضة «الثلث المعطّل» لأنّه «يعطي الحكم في لبنان إلى سوريا وإيران».
وكان نصر الله قد جدّد في حوار مع محطة «إن. بي. إن» التأكيد على أن حلّ المشكلة السياسية القائمة في لبنان يكمن في مبدأ الشراكة، من خلال «ضمانة دستورية»، أي إعطاء المعارضة الثلث الضامن في الحكومة التي ستتشكّل، وذلك «لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين»، معتبراً أن «الأمور لم تصل بعد الى الحائط المسدود»، وإلا فإن «المعارضة لن تبقى ساكتة، وهي ستلجأ مضطرّة الى وسائل مدنية مشروعة، بما يبقي الوضع أقلّ سوءاً من أن تتفرّد الموالاة بالحكم»، في حال «قيام الحكومة الحالية بخطوات استفزازية، وتوقّف كل الوساطات».
وإذ نبّه الى خطورة المشروع الأميركي بـ«نسخته اللبنانية»، أكّد أنّ حصول المعارضة على الثلث الضامن يكفل «عدم تصفية القضية الفلسطينية من بوّابة لبنان، عدم استخدام لبنان للضغط على سوريا، تطبيق سياسة اقتصادية غير خاضعة لشروط صندوق النقد الدولي، وإنشاء مؤسّسات أمنية وطنية»، لافتاً الى أن الصراع القائم داخلياً «ليس مع فريق الموالاة، بل مع الرئيس الأميركي جورج بوش وإدارته، إضافة الى المشروع الذي يراد فرضه على اللبنانيين».
وأكّد نصر الله أن «حزب الله لم ولا يطالب بتعديل اتفاق الطائف»، لكن «إذا اتفق اللبنانيون على تعديل هذا الاتفاق أو تطويره، فلن يكون لدينا أيّ مانع»، كاشفاً عن أن الفرنسيين طرحوا هذا الموضوع مع الإيرانيين الذين أجابوا بدورهم بأن هذا الأمر شأن لبناني. وأكّد أن «تعديل الطائف يستلزم وفاقاً»، مطالباً بـ«تطبيق صحيح لهذا الاتفاق»، إضافة الى «تفسير المواد الدستورية المختلَف في شأنها، وإعادة صلاحية التفسير للمجلس الدستوري».
ورد نصر الله على اتهام جنبلاط حزب الله بالتورط في الاغتيالات، من دون أن يسمّيه، فأشار الى أن الحزب يدرس جدياً «معالجة أمر كل من يوجه إلينا تهمة الاغتيال أو تغطية الاغتيال أو تسهيل الاغتيال بلا دليل، بطريقة قضائية».
وقال نصر الله: «كلنا متفقون على العماد سليمان، فهيّا نتفاهم على أساسيات تكوين السلطة. وإذا لم نستغل هذه الفرصة التاريخية التي نحن أمامها اليوم وبقينا نعتمد على الدعم الخارجي، فهذا لا يحل الأزمة، ولكم في العراق وفلسطين وباكستان وأفغانستان أسوة». وسأل الموالاة: «إذا ذهب البلد إلى مواجهة داخلية، لا سمح الله، فماذا يستطيع أن يفعل جورج بوش للبنان؟». وأضاف: «المواجهة الداخلية لا أحد يستطيع أن يتحكم بها أو يضمن إلى أين تذهب الأمور في نهاية المطاف». وأعلن «أننا نسعى لضبط كل شيء، لكنني لا أستطيع أن أعطي ضمانات».
وقال نصر الله إنه «إذا فشلت الوساطات الحالية وأصرّت الحكومة على البقاء في موقعها، فإنّ لقاءات مكثفة للمعارضة ستعقد خلال عشرة أيام للتشاور واتخاذ الخطوات المقبلة». وأضاف «الوسائل المشروعة وكل شيء يخطر في البال يمكن أن نعمله»، ولفت الى أن «هدوء المعارضة دليل حرصها وأودمتها».
وعن الموضوع السوري الفرنسي، شدّد نصر الله على «أنّ سوريا قدّمت مصالح المعارضة الوطنية على مصالحها هي، وأثبتت أن علاقتها بالمعارضة هي علاقة احترام لا علاقة تبعية». وأضاف: «يطلبون من سوريا أن تضغط على المعارضة لتتخلى عن مطلبها المنطقي سواء بحكومة الوحدة أو قانون الانتخاب». ولفت الى أن النظام السوري لا يفاوض باسم المعارضة. وأعلن أنه لو اجتمع العالم كله بما فيه سوريا وإيران «لن يستطيع أن يفرض على المعارضة شيئاً لا ترى فيه مصلحة لبنان». وقال: «إن المعارضة متينة وقوية ومتماسكة وواثقة من حقها وقاعدتها، وتقول إن البلد يبنى بالشراكة وإن التهديد والتهويل بمجلس الأمن والقرارات الدولية لن يغيّر واقعاً». وأشار الى أنه لا يستطيع أن يحدّد مهلة زمنية لحصول الانتخاب. وأضاف: «لا نستطيع أن نستمرّ بلا رئيس لكن لا نستطيع أن نسلمهم البلد».

جنبلاط

ومن جهته، قال جنبلاط في حوار مع محطة «أي. إن. بي»: «لا مهرب من التسوية بين اللبنانيين وإلا فالبلد ذاهب إلى أفق مسدود»، وإن «شروط التسوية بحدها الأدنى وُضعت في الحوار وتم التوافق على المحكمة سريعاً، ولاحقاً أُرهقنا للوصول إلى المحكمة». لكنّه شنّ هجوماً على المعارضة، متّهماً «بعض الفرقاء» بأنّهم «امتداد لسوريا وإيران ونسألهم هل يعترفون بالتنوع والكيان اللبناني والاستقلال، وهل البلد هو قاعدة عسكرية للردع من أجل النووي الإيراني وهل هو ساحة لتنفيذ ولاية الفقيه على قسم من الشيعة؟». ورأى أن «المعارضة لا تعترف باستقلال لبنان، وحرب إلغاء الموالاة بدأت بعد حرب تموز وبشار الأسد سرق انتصار تموز من نصر الله».
وقال جنبلاط إنه يركز على «حزب الله» و«لا أهتم للحواشي التي يموّلونها ويسلّحونها. فهل يعترف الحزب بوجودي أم يريد تحويل لبنان إلى دولة ولاية الفقيه التي تلغي التنوّع». وحمّل حزب الله «المسؤولية المعنوية عن عمليات الاغتيال بسبب جزره الأمنية»، وأضاف: «في أدبيات «حزب الله» لا اعتراف بالطائف وهم يشلّون البلد من أجل الوصول إلى السيطرة الكاملة على البلد»، معتبراً أن «لا علاقة للمعلم للحديث عن لبنان»، وأمل «أن يلحق وليد المعلم «الشاروني الشكل» بشارون». ولفت الى أن «حرب تموز كانت وسيلة للهروب من طاولة الحوار»، وأنها «كانت حرباً لأسباب سورية ـــــ إيرانية وأطيلت لأسباب أميركية ـــــ إسرائيلية».
وهاجم جنبلاط الرئيس السوري بشار الأسد بعبارات قاسية، معلناً: «لن أعتذر من بشار الأسد ما حييت». وأضاف إن نصر الله «غير قادر على الخروج عن الوصاية السورية، وليته يكون رجلاً ليقول لبشار كفى».
ورأى جنبلاط أنه «لا يمكن بري أن يفوّض العماد عون، لأننا نفاوضه كرئيس للمجلس النيابي». وقال: «إن العماد عون ليس المحاور الأساسي بل نبيه بري». وأضاف: «نحن في 14 آذار متفقون على الاستمرار في انفتاحنا على بري». وقال: «لن أدخل في حوار ونقاش مع العماد عون بسبب كلامه المهين لقمّة الحكمة والاستقرار وهو البطريرك الماروني نصر الله صفير وأنا غير قادر على الدخول في حوار معه». وأشار الى أن «قوى 14 متماسكة رغم الظروف الأمنية الصعبة».
وهاجم جنبلاط أيضاً الرئيس الإيراني أحمدي نجاد واتهمه بحرق لبنان، وأنّه «يستعملنا ليصل إلى حوار مع أميركا. ونحن نريد بلداً مستقلاً دون أيّ تدخل سوري أو إيراني أو أميركي». وأضاف: «طلبت من أميركا ضرب سوريا ولا أخجل بكلامي». ووصف اتهام المعارضة للموالاة بتعطيل التسوية خدمة للمشروع الأميركي بأنه «أسطوانة». وقال: «بدأنا معركتنا ضد الهيمنة السورية في ما يتعلق برفض تعديل الدستور في أيلول 2004 ووصلنا إلى التسوية إنقاذاً للبنان، والعماد سليمان منقذ لأنه يرمز إلى الدولة ويحضنها بتجربته، والمعارضة وضعت شروطاً تعجيزية». وقال: «إذا كان من ضرورة لتغيير في الطائف فسيبحث مع صفير لا مع المزايدين الذين يتحالفون مع من يملكون السلاح».