strong>عودة موسى مؤجّلة وبرّي يرفض المشاركة في الحوار الرباعي
انتقلت أحداث الأحد الدامي من الشارع إلى التحقيق في سلسلة تحرّكات أجريت أمس على أكثر من خط، أبرزها رئيس المجلس نبيه بري وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، في محاولة لتطويق مضاعفات تلك الأحداث وكشف مسبّبيها، وهو ما أثاره بري مع سليمان في لقاء طويل جمعهما في عين التينة. وعلمت «الأخبار» أن بري استعجل إجراء تحقيق «سريع وغير متسرّع»، وأبلغ سليمان استعداده لتسليم مَن يثبت أنه كان على علاقة بما حدث أو حمل سلاحاً من حركة «أمل»، أو حتى من حزب الله، في أحداث الأحد. إلا أنه شدد عليه في عدم التساهل وكشف المسبّبين والقنّاصين الذين وجّهوا رصاصات قاتلة إلى الشبان، مشيراً إلى أنّه يرى أن الموضوع يعنيه شخصياً، نظراً إلى آثاره السلبية وتهديده بفتنة تطال أول ما تطال الجيش والمقاومة.
وأبلغ بري «الأخبار» ضرورة كشف الحقائق وتوقيف الفاعلين إلى أي جهة انتموا من أجل إعطاء العدالة دورها في وقف مشروع فتنة كان يُعَدّ له. وذكر أن تجاهل إجراء تحقيق في أحداث 25 كانون الثاني 2007، أدى إلى أعمال ثأر تركت أثرها على البلاد، لأنه ترك للناس إحقاق حقوقهم. كذلك شدد بري أمام المدّعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا على الأمر ذاته.
وذكرت مصادر متابعة لملف التحقيقات، أن العماد سليمان عقد بدوره سلسلة اجتماعات في سياق التحقيق في أحداث الأحد، وتلقّت قيادة الجيش رسائل مباشرة من قيادة حزب الله ركّزت فيها على أهمية فتح تحقيق سريع وشامل لمعرفة خلفية وقائع الأحد وتحديد المسؤولية عن إطلاق النار. ونقل عن سليمان قوله إنه مستعد لتأليف لجان تحقيق متخصّصة تتولّى درس الأمر بشفافية وبصورة مكثفة وسريعة لكشف الحقائق.
وعلم في هذا الإطار أن لجنتين قضائية ــــ عسكرية برئاسة قاضي التحقيق رهيف رمضان، وأخرى عسكرية برئاسة العميد أحمد قاسم، قد تألّفتا في نطاق هذه المهمة.
وأبلغ سليمان بري وقيادة حزب الله أنه مستعد للذهاب إلى أبعد الحدود في هذا الموضوع، وتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين.
وعُلم أن الجيش أوقف مسلحين في عين الرمانة للاشتباه في دورهم بما حصل. لكن التدقيق أظهر أن غالبية هؤلاء أوقفوا لحملهم مسدّسات غير مرخصة، أو لأنهم كانوا في المنطقة بصورة مريبة، ما عدا عنصراً من «القوات اللبنانية» يدعى ريشار أ. كان في حوزته رشاش حربي مجهّز بمنظار للقنص. وقد تبيّن بعد فحص سلاحه الحربي أن مخزن رشاشه خالٍ إلا من رصاصة واحدة، وأنه كان في موقع يشرف على مناطق المواجهات.
وعلمت «الأخبار» أن جانباً من الحوار بين الجيش وقيادتي حزب الله وأمل اتصل بأسئلة عن سبب إجراء مناقلات وعمليات تبديل مفاجئة في المنطقة، وكذلك عن أسباب اللجوء الفوري إلى إطلاق النار على المتظاهرين وإشاعة مناخ من الفوضى ربما أدّى إلى ما حصل. كما تطرّق الحوار إلى سبب امتناع الجيش عن ملاحقة مسلّحين ظهروا في الشمال خلال تشييع الرائد وسام عيد، وهم يطلقون النار في الهواء، وعدم ملاحقتهم وتوقيفهم، فيما يصار إلى مواجهة متظاهرين بالرصاص القاتل، وخصوصاً أن التقارير الطبية أشارت إلى أن الشهداء الستة سقطوا برصاص يعود إلى أسلحة مطابقة لما هو موجود مع عناصر الجيش، وقد ظهر عدد من الجنود يطلقون النار عشوائياً في عدد كبير من الصور التي التقطها صحافيون في المكان.

عودة موسى

أما على صعيد استئناف المبادرة العربية في جولة ثانية ترجمةً لبيان الاجتماع الثاني لوزراء الخارجية العرب الأحد الماضي، فمن غير المحدّد بعد، عودة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى بيروت. وهو اتصل ببري أمس وأبلغه أن عودته مرجّحة الأسبوع الذي يلي، على أن يخابره الجمعة المقبل. وبحسب أوساط رئيس المجلس، فإن المهمة الجديدة لموسى لن تختلف عن سابقتها، نظراً إلى عدم توصل الوزراء العرب إلى تفسير موحّد للبند الثاني في المبادرة. إلا أن بري أبلغ «الأخبار» أن موسى يعتزم في جولته الثانية عقد اجتماع رباعي آخر يضمّه إلى الرئيسين أمين الجميل وميشال عون ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، بغية التوصل إلى اتفاق على تفسير الحصص المفترضة للموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية في حكومة الوحدة الوطنية. بيد أن بري نفى موافقته على الاشتراك في هذا الاجتماع ليمثّل هو وعون المعارضة، وقال إن عون هو المفاوض الوحيد عن المعارضة. وقد اتصل بري بعون أمس، وأطلعه على فحوى مكالمته مع موسى ومدى استعداده لجولة حوار يُعدّ لها الأمين العام للجامعة العربية.
وكان موسى قد رأى أن العرب حددوا «سقفاً زمنياً» للتوصل إلى تسوية للأزمة اللبنانية، مؤكداً أنه «إذا حدثت مماطلة أو وضعت صعوبات» حالت دون انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية في هذا الموعد «فسيكون هناك موقف آخر».
وأوضح دبلوماسي عربي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة فرانس برس أن موسى يعني بذلك أن «مهمة الوساطة التي يقوم بها بين الأفرقاء اللبنانيين لن تستمر إلى ما لا نهاية»، وأنه أبلغ الوزراء العرب بذلك خلال اجتماعهم مساء الأحد. وقال إنه لم يكن في وسع الوزراء التسليم علناً بفشل المبادرة العربية، ولذلك وضعوا هذا السقف لانتخاب الرئيس اللبناني.
وقال موسى إن استئناف وساطته «يتطلب من الدول ذات الصلات التاريخية بلبنان التي لها علاقات (مع الأطراف اللبنانية)، أن تعمل على إنجاح الآلية الخاصة بجمع زعماء المعارضة والأغلبية للتفاوض على نسب كل منهما في تشكيلة الحكومة». وأكد أن «المشكلة الوحيدة الباقية هي نسبة التمثيل في حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف أنه أبلغ الوزراء أن «رأي الغالبية بالحصول على النصف +1 لن يكون، ومطلب المعارضة بالحصول على الثلث الضامن لن يكون».
وكانت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قد نقلت عن المستشار الإعلامي للرئيس السوري بشار الأسد، صابر فلحوط، قوله إن سوريا تعمل من أجل تحسين علاقاتها مع المملكة العربية السعودية لإيجاد حل للأزمة السياسية في لبنان. وأشار إلى «أن العلاقات الجيدة بين دمشق والرياض سيكون لها تأثير إيجابي على الأزمة الحالية، وأن سوريا مستعدة للتعاون مع السعودية لتحقيق الاستقرار، لا في لبنان فقط، بل في مناطق أخرى في العالم العربي».
ولم يجد قطب موالٍ جديداً في ما صدر عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب سوى إعادة تأكيد ترشيح قائد الجيش رئيساً توافقياً، وأشار إلى أن الجانب الفرنسي أكد لغير جهة محلية وعربية ودولية أن لا علاقة له بما أشيع عن طرحه أسماء مرشّحين جدد لرئاسة الجمهورية. واتهم بعض أقطاب المعارضة بطرح الترشيحات الجديدة عبر «المعبر القطري» خلافاً للمبادرة العربية، وهذا ما دفع وزراء الخارجية العرب إلى إعادة ترشيح سليمان بالاسم من أجل وضع حد لكل تلك الترشيحات.
واستبعد توصّل موسى في زيارته الجديدة إلى تحقيق توافق بين الموالاة والمعارضة بشأن موضوع الحكومة، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن لدى موسى الوقت الكافي للنجاح في مهمته قبل موعد جلسة انتخابات الرئاسة المقررة في 11 شباط المقبل.
وردّ القطب جانباً من أسباب تشاؤمه إلى استمرار الخلافات العربية ـــــ العربية، وتحديداً بين مصر والسعودية من جهة وسوريا من جهة ثانية، لافتاً إلى أن الجانب المصري يرى أن ما حصل على الحدود بين مصر وقطاع غزة كان موجّهاً إليه.
ودعا القطب إلى ترقّب نتائج زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل إلى السعودية، إذ في ضوئها يمكن تلمّس ما إذا كان الوضع الفلسطيني ـــــ الفلسطيني سيشهد تطورات إيجابية على مستوى إنهاء الأزمة بين حركتي «فتح» و«حماس»، وأشار إلى أن زيارة مشعل للرياض جاءت بعد المؤتمر الفلسطيني الذي عقد أخيراً في دمشق، وصدرت عنه لاءات تشبه لاءات قمة الخرطوم الشهيرة.

قنبلتان

وعلى الصعيد الأمني، سُمع بُعيد العاشرة من ليل أمس دويّ قنبلتين صوتيّتين في منطقتي البربير وغاليري سمعان.