انحسرت عاصفة تقرير «فينوغراد» في إسرائيل بأسرع مما كان متوقعاً. ورغم حماوة العبارات التي استخدمها، إلا أنها لم تكن كافية لإذابة الجليد السياسي الإسرائيلي، الذي بات من المرجّح أن يبقى على حاله أشهراً (التفاصيل).كلمتا «الفشل» و«الإخفاق» اللتان وردتا في التقرير 190 و213 مرة على التوالي، لم تمنعا رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت من الاحتفال بـ«انتصاره المعنوي» وتلاشي الضغوط عليه من حلفائه. وبلغت به الأمور حد القول إن «الوصمة الأخلاقية أزيلت عني»، متناسياً مسؤوليته المباشرة عن مجازر عدوان تموز واستشهاد مئات المدنيين، ولا سيما في مجزرة قانا الثانية. «انتصار» أولمرت، خلّف خيبة لدى معارضيه وفي أوساط الجمهور الإسرائيلي، ولا سيما أن المحلّلين أجمعوا على أن القاضي إلياهو فينوغراد «تجنّب تحميله مسؤولية شخصية»، وفتح ثُغراً كثيرة لأولمرت للمرور عبرها. ثُغر تدعمها مواقف كتل الائتلاف الحكومي غير المستعدة للتضحية بالكرسي وخوض غمار انتخابات مبكرة، يريدها زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو. كان من المرتقب أن تتوجّه الأنظار بعد التقرير إلى الشريك الأساسي في الائتلاف، حزب «العمل»، وزعيمه إيهود باراك، الذي سبق أن وعد ناخبيه بالاستقالة من الحكومة بعد التقرير. إلا أنه لا يبدو مستعدّاً للوفاء بوعده في ظلّ ضبابية موقف الحزب في استطلاعات الرأي، إضافة إلى الانقسامات داخل «العمل» التي عبّر عنها وزير الدفاع السابق عامير بيرتس، الذي طالب بمحاسبة باراك عن انسحاب عام 2000. شركاء الائتلاف الباقون ليسوا أفضل حالاً، ولا سيما أن حزب «المتقاعدين» غير متأكد من تكرار إنجاز انتخابات 2006، فيما يبدو حزب «شاس» غير مبال في ظل التزام أولمرت عدم التطرّق إلى القدس في مفاوضاته مع الفلسطينيين. غير أن «نصر» أولمرت لم يسعفه في كسب رضى الجمهور الإسرائيلي، الذي كشف استطلاع للرأي أن 57 في المئة منه يطالبه بالاستقالة بعد نشر تقرير فينوغراد، فيما رأى 33 في المئة منهم أن عليه أن يبقى في منصبه. قد يكون المتضرّر الأساس من تقرير فينوغراد هو جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي مثّل التقرير بالنسبة إليه صفعة جديدة، إضافة إلى الهزيمة في عدوان تموز. صفعة عبّر عنها مسؤولون عسكريون في أكثر من مناسبة، عندما أشاروا إلى انهيار جهود العسكر «لاستعادة ثقة الجمهور».