تشـييع الحـاج اليــوم وسـط إضـراب عـام... والتحقيقـات تلاحـق مجموعـة متشـدّدة في عيـن الحلـوة
دخل الاستحقاق الرئاسي في عنق الزجاجة. المعارضة فوّضت إلى العماد ميشال عون قيادة المفاوضات مع فريق 14 آذار وفق ورقة تتضمّن سلة بنود غير قابلة للنقض، فيما أبلغ النائب سعد الحريري جهات داخلية وخارجية بأن تفويضه إجراء الحوار لا يشمل البحث في منصب رئاسة الحكومة أو القبول بتعديل دستوري يتجاوز حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وترافقت هذه الاجواء مع مناخات سلبية سادت أوساط فريق الموالاة إزاء احتمال حصول تفاهم قبل الاثنين المقبل، وهو الأمر الذي عبّر عنه أيضاً دبلوماسيون عرب وأجانب في بيروت من الذين أبدوا خشية تمدّد الفراغ الى السنة المقبلة وحتى إطاحة خيار العماد ميشال سليمان.
في غضون ذلك يشيّع لبنان اليوم الشهيد اللواء فرنسوا الحاج ورفيقه خير الله هدوان في مأتمين، الأول في حريصا في بيروت ومن ثم في رميش جنوباً وحزين بقاعاً، وسط إعلان يوم حداد عام وإقفال رسمي كامل في لبنان، وكذلك وسط استعدادات لمشاركة شعبية كثيفة في الجناز الذي سيقام في حريصا والتشييع في رميش، فيما تحدثت مصادر عسكرية عن معطيات جديدة في ملف التحقيقات التي بدأت مباشرة عقب حصول الاغتيال، وتقود الى أن المجموعة المنفذة موجودة الآن في مخيم عين الحلوة.

عون مفاوض المعارضة

وأعلن العماد عون أمس أنه مكلّف من المعارضة التفاوض مع فريق الاكثرية النيابية على سلة من البنود التي تحفظ التسوية وتمنع دخول البلاد في مآزق جديدة، ودعا الفريق الآخر الى محاورته قائلاً إنه بانتظار من يرسله مفوّضاً بالاتفاق والتوقيع على اتفاق. وقال عون إن الضمانات يجب أن تأتي من داخل لبنان لا من خارجه.
من جانبه قال النائب الحريري لزواره إنه لا يملك في هذه اللحظات المعطيات الكاملة التي تقوده الى حوار سريع مع عون والى توافق معه، وقال إنه لا يمكن «الطلب إلينا أن نتنازل أكثر، ومن يرد التسوية فليفعلها الآن دون رهنها بشروط تخص المرحلة المقبلة».
وإذ بدت الاتصالات مجمّدة فعلياً، قال مصدر بارز في المعارضة لـ«الأخبار» إن الإشارات الواردة من فريق 14 آذار لا تشير الى قرب تحقيق تسوية، وإن تخلّي الرئيس نبيه بري عن مفاوضة النائب سعد الحريري أمر متوقع في ظل ما تعرّض له رئيس المجلس من عملية خداع منظمة وحملة تشهير. ونقل عن بري قوله إن التفاوض مع الحريري بات صعباً ومن الافضل البحث عن قنوات أخرى، وما داموا قد رفضوني فليتفاوضوا مع العماد عون، ومن جهتي سوف أحاول البحث مع النائب وليد جنبلاط في إمكان تحقيق اختراقات في الجدار القائم حالياً.

باريس تجمّد تحرّكها

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن باريس لا تجد نفسها قادرة على القيام بأي مبادرة جديدة في ظل تشبّث الفريقين بمواقفهما، نافياً وجود برنامج لعودة قريبة لوزير الخارجية برنار كوشنير أو للأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان الى بيروت. وأوضح المصدر أن الأمور تبدو معقدة وفي ظل ما هو قائم فإن الجميع يستبعد حصول انتخابات الاثنين المقبل، وقبل بروز إشارات جدية من لبنان على وجود استعداد كامل لعقد تسوية فإن باريس لن تحرك ساكناً.
ونقل المصدر عن الحريري أنه لم يعد قادراً على تقديم أي تنازل إضافي، وأن فريقه قدم الكثير من أجل تسوية ممكنة، فقبل بالتخلي عن مرشّحيه نسيب لحود وبطرس حرب وقبل بتعديل الدستور وبترشيح قائد الجيش الذي يعتبر أكثر قرباً من المعارضة ومن سوريا وقبل باعتماد التمثيل النسبي في الحكومة المقبلة، وهذا أقصى ما يمكن أن يقدمه وهو يريد أن يكون رئيساً للحكومة المقبلة، وأقل من ذلك فإن الحل قد لا يكون ممكناً.

التحقيقات

في غضون ذلك، تواصلت أمس التحقيقات في جريمة اغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني، ووسّعت مديرية المخابرات تحقيقاتها وحصلت على مزيد من المعلومات التي لخصتها مصادر مطلعة بأنها تركز على وجود مشتبه فيهم داخل مخيم عين الحلوة وأنهم ينتمون الى مجموعة أصولية كانت لها علاقة بمجموعات فتح ـــــ الإسلام في الشمال.
وأعلن وزير الدفاع الياس المر امس أن التحقيقات في الجريمة متقدمة جداً عن أي تحقيقات سابقة، معرباً عن اعتقاده بأن الجهات المتهمة في وسائل الإعلام ربما لا تكون هي نفسها الجهات التي تتعقبها القوى الامنية. وإذ أقر بأنها مجموعات متشددة فهو دعا الى البحث عن الجهات التي أصدرت الأوامر بتنفيذ هذه الجريمة.
وفي صيدا استبعدت مصادر أمنية أية علاقة للشبان الثلاثة الذين أوقفوا أول من أمس في صيدا بعملية الاغتيال. وأوضحت أن الشخص الرابع الذي باع السيارة للجهة التي يرجح أن تكون هي التي فخّختها، قد باعها دون أية أوراق ثبوتية والتحقيقات جارية لمعرفة الأشخاص الذين اشتروا السيارة ومواصفاتهم. وكانت القوى الأمنية قد أوقفت عصر الأربعاء كلاً من طلال المصري ومحمد المصري ومحمد الأتب وهم صيداويون، بعد مداهمة منازلهم في محلة التعمير في صيدا بعدما تبيّن أن السيارة المفخّخة مسجلة بأسمائهم. وفي التحقيقات الأولية تبيّن أنهم قد باعوا السيارة بموجب وكالة لدى كاتب العدل إلى حسين ناصر الذي أشارت التحقيقات إلى أنه باعها إلى شخصين كانا قد حضرا ليلاً، قبل يومين من عملية الاغتيال، حيث ابتاعا السيارة بعد دفع ثمنها نقداً (والبعض تحدث عن أن عملية الشراء تمّت قبل ساعات من حادثة الاغتيال) ووعداه بأن يحضرا في اليوم التالي لإجراء المقتضى القانوني وتفريغ السيارة.

بوش ورايس

قال بوش، في بيان بخصوص حادث الاغتيال الذي راح ضحيته العميد فرنسوا الحاج «في الوقت الذي يسعى فيه لبنان لاختيار رئيس بطريقة ديموقراطية ووفقاً لدستوره، ينبغي أن ينتهي تدخل النظام السوري وحلفائه، الذي يهدف الى ترهيب الشعب اللبناني».
وأدانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الجريمة لكنها تجنّبت، على غير العادة الأميركية، إلقاء اللوم على سوريا، بل رأت أن «الوقت الراهن في لبنان امتحان لجيرانه، وبينهم سوريا». وقالت رايس في مقابلة مع «أ.ب.»، إنها تحدثت إلى الرئيس السنيورة. وأضافت ان «من الضروري أن يتمكن اللبنانيون من انتخاب رئيس، ويجب على سوريا، وكل جيران (لبنان) أداء دور بنّاء، وتشجيع حلفائها على تحقيق ذلك، من دون تدخلها». وقالت إن هذا الوقت هو «امتحان للبنان، كما هو امتحان لجيرانه، ومنهم سوريا».